للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انصرف عنهم المؤمنون واعرضوا عن انفاقهم ورعايتهم وحلفوا ان لا ينفقوا عليهم أصلا مع ان بعضهم في غاية الفاقة رد الله على المؤمنين

هذا وحثهم على الانفاق عليهم وأمرهم بالإحسان بدل الإساءة حيث قال وَلا يَأْتَلِ اى لا يحلف ولا يقصر أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ في الدين وَأولو السَّعَةِ في الرزق والمال أَنْ يُؤْتُوا اى من ان لا يؤتوا او على ان لا يؤتوا أُولِي الْقُرْبى الذين ينتمون إليكم ايها المؤمنون بالقرابة النسبية وَكذا الْمَساكِينَ الفاقدين لقوت يومهم وَلا سيما فقراء الْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الباذلين مهجهم في ترويج دينه بسبب انهم قد خاضوا في معصية الإفك والافتراء وجاءوا ببهتان عظيم وأحبوا ان يشيعوه ويتقولوا به ظلما وزورا وَبعد نزول آيات البراءة والتنزيه في شأن العفيفة رضى الله عنها لْيَعْفُوا اى جملة المؤمنين عن ذنوب القاذفين بعد ما تابوا وندموا وقبل الله منهم توبتهم وَلْيَصْفَحُوا وليعرضوا عن جريمتهم ويصافحوا معهم وليعطوا إليهم ما اعطوهم من قبل أَلا تُحِبُّونَ ايها المقذوفون المطهرون المنزهون أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ زلتكم وذنوبكم بسبب عفوكم عن القاذفين وصفحكم عما جاءوا به افتراء ومراء وَاللَّهُ المصلح لأحوال عباده غَفُورٌ لهم يغفر ذنوبهم بسبب عفوهم جرائم إخوانهم رَحِيمٌ يرحم عليهم تفضلا وامتنانا. روى انه عليه السلام قرأها على ابى بكر رضى الله عنه فقال بلى أحب وأعاد الى مسطح وهو احد القاذفين الآفكين وهو ابن خالة ابى بكر رضى الله عنه فقير ليس له شيء نفقته التي قد أنفق عليه دائما.

ثم قال سبحانه تذكيرا لعموم عباده ونهيا لهم عن الرمي بالزنا مطلقا إِنَّ المسرفين المفرطين الَّذِينَ يَرْمُونَ بالزنا الْمُحْصَناتِ المتعففات المستحفظات لحدود الله الْغافِلاتِ المبرءات المنزهات عما رموا به أولئك الغفلة الجهلة ظلما وزورا الْمُؤْمِناتِ الموقنات بالله وبما جاء من عنده من الحدود والاحكام الجارية على السنة رسله ولا سيما بيوم الجزاء المعد للكشف والتفضيح لُعِنُوا وطردوا عن روح الله وسعة رحمته لقصدهم بعرض العفائف وهتك حرماتهن وطعنهم فيهن افتراء ومراء فِي الدُّنْيا بإجراء الحد وانواع الشتم والطرد ورد شهادتهم مدة حياتهم وَالْآخِرَةِ بأنواع العذاب والنكال وَبالجملة هم بسبب قبح صنيعهم وسوء أفعالهم لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ لا عذاب أعظم منه لعظم جرمهم وعصيانهم اذكر لهم يا أكمل الرسل توبيخا لهم وعظة وتذكيرا لمن اعترض لهم من المؤمنين يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ بالهام الله واعلامه أَلْسِنَتُهُمْ اى القاذفين الباهتين وتقر بعموم ما صدر عنهم من الكذب ورمى المحصنات وقذف العفائف عمدا بلا علم لهم ولا شعور بحالهن وَأَيْدِيهِمْ بما اقترفوا من الأخذ والإعطاء لا على الوجه المشروع وَأَرْجُلُهُمْ بالسعي والتردد الى ما لا يرضى منه سبحانه ولا رسوله ولا المؤمنون وبالجملة يقر كل من أعضائهم وجوارحهم بِما كانُوا يكسبون ويَعْمَلُونَ به من المعاصي والآثام وبالجملة يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ المجازى لاعمالهم دِينَهُمُ وجزاءهم الْحَقَّ اى يوفى عليهم ما يستحقون من الجزاء بلا زيادة ولا نقصان عدلا منه سبحانه وَحينئذ يَعْلَمُونَ يقينا أَنَّ اللَّهَ القادر المقتدر على انواع الانعام والانتقام هُوَ الْحَقُّ المقصور على التحقق والثبوت بالقسط والعدل الْمُبِينُ الظاهر ألوهيته وربوبيته على الوجه الاقسط الأقوم بلا ميل منه وانحراف عن جادة الاستقامة والعدل الحقيقي

ومن جملة عدالته رعاية المناسبات بين المظاهر والمربوبات كما بينهما سبحانه بقوله الْخَبِيثاتُ من النساء المطعونات بأنواع الرذائل المنحرفات عن جادة السلامة

<<  <  ج: ص:  >  >>