للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطهارة لِلْخَبِيثِينَ كذلك من الرجال يعنى لا يتزوجهن غير الخبيثين لحكم الكفاءة والمناسبة وَكذا الْخَبِيثُونَ من الرجال لِلْخَبِيثاتِ من النساء كل لنظيرتها بحكم المصلحة الإلهية وَكذا الطَّيِّباتُ الطاهرات العفائف لِلطَّيِّبِينَ ايضا كذلك وَكذا الطَّيِّبُونَ المستقيمون على جادة العدالة لِلطَّيِّباتِ ايضا كذلك إذ كل يميل بالطبع الى شاكلته بالميل المعنوي الموضوع بالوضع الإلهي المسمى بلسان الشرع بالكفاءة ومتى ثبت هذا الحكم من الله وتبين هذه المناسبة بتبيين الله أُولئِكَ العفائف المطهرون الطيبون مُبَرَّؤُنَ منزهون مِمَّا يَقُولُونَ أولئك الرماة المفترون والطغاة الخبيثون المنحرفون عن طريق الحق الناكبون عن الصراط المستقيم ولكمال براءتهم ونزاهتهم لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وعفو من الله المطلع لبراءتهم الشاهد عليها وَرِزْقٌ كَرِيمٌ الا وهو الرزق الصوري والمعنوي الذي يتلذذون به في الجنة عند كشف الغطاء ورفع الحجب عن وجه الله الكريم اللهم ارزقنا بلطفك من رزقك الكريم واجعلنا بجودك من ورثة جنة النعيم

ثم لما كان أمثال هذه الهذيانات الباطلة والمفتريات العاطلة من نتائج الخلطة والاستيناس مع اصحاب الغفلة وكشف الحجب والأستار الواقعة بين ذوى القدر والاعتبار واولى الخطر الكبار الى من هو من السفلة السافلين المنحطين عن درجة ارباب الاستبصار أشار سبحانه الى ان الاختلاط والاستيناس بين المؤمنين لا بد وان يكون مسبوقا بالاستيذان والاسترخاص حتى لا يؤدى الى أمثال هذه الخرافات فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم محافظة آداب المحبة والإخلاص بينكم ومن جملتها انها لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ اى بيتا من بيوت إخوانكم بغتة بلا استيذان من أهلها ان تصبروا حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وتستأذنوا وتطلبوا رخصة الدخول وَبعد ما اذنتم ورخصتم لكم ان تُسَلِّمُوا أولا عَلى أَهْلِها بان تقولوا السلام عليكم أأدخل أم لا ثلاث مرات هكذا قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلّم فان اذنتم بالدخول فادخلوا والا فارجعوا ذلِكُمْ الاستيذان والاستيناس خَيْرٌ لَكُمْ من المبادرة الى الدخول بغتة وانما انزل عليكم هذه الآية الكريمة المتعلقة بالأخلاق لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وتتعظون بها وتحفظون حدود المصاحبة والمواخاة بينكم وتحافظون عليها ولا تجاوزون عن مقتضى المروءة والعدالة

فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها اى في البيوت أَحَداً تستأذنون منه فَلا تَدْخُلُوها ابدا لئلا تتهموا بأنواع التهمة بل اصبروا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ اى لا تدخلوا حتى تجدوا من يأذن لكم وَبعد ما وجدتم إِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فالوقت لا يسع بالدخول فَارْجِعُوا على الفور بلا تفحص ولا تفتيش عن أسبابه على وجه الإلحاح والاقتراح كما يفعله الجهلة من الناس هُوَ اى الرجوع بلا تفحص أَزْكى لَكُمْ واطهر لنفوسكم من الإلحاح وَاللَّهُ المدبر لمصالحكم بِما تَعْمَلُونَ وتأملون في نفوسكم عَلِيمٌ يجازيكم بمقتضى علمه وخبرته

لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ اى ضيق ومنع أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ سيما قد كان فِيها مَتاعٌ لَكُمْ تستأجرونها وتستعيرونها للادخار والاستخزان وَبالجملة اللَّهُ المطلع على ضمائر عباده يَعْلَمُ منكم ما تُبْدُونَ وتظهرون وَما تَكْتُمُونَ وتخفون يجازيكم على مقتضى علمه.

ثم امر سبحانه لحبيبه صلى الله عليه وسلم بتذكير عباده وتهذيب أخلاقهم سيما في حفظ المحارم والحدود فقال قُلْ يا أكمل الرسل لِلْمُؤْمِنِينَ المصدقين لحدود الله الممتثلين بأوامره يَغُضُّوا وينقصوا مِنْ أَبْصارِهِمْ دائما حتى لا يقع نظرهم بغتة الى المحارم

<<  <  ج: ص:  >  >>