للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والانصراف عن حكم الله وحكم رسوله بعد ما دعوا الى رسوله ان كان الحكم عليهم

وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ والحكم يَأْتُوا إِلَيْهِ اى الى الرسول ورضوا بحكمه مُذْعِنِينَ منقادين طائعين وبالجملة هم تابعون لمطلوبهم وما هو مقصودهم طالبون ان يصلوا الى ما أملوا في نفوسهم بلا ميل منهم الى الحق وصراطه المستقيم وميزانه العدل القويم وبالجملة باى سبب ميلهم واعراضهم ولأي شيء ينصرفون عن الحق

أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يعرضهم عن قبول الايمان ويمنعهم عن اليقين والعرفان أَمِ ارْتابُوا وترددوا في عدالة الله ورسوله أَمْ يَخافُونَ من سوء ظنونهم وجهالاتهم أَنْ يَحِيفَ ويميل اللَّهُ المستوي على القسط القويم والعدل المستقيم عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ المتخلق بأخلاقه ظلما بان أجازوا الظلم على الله وعلى رسوله بَلْ الحق انه لا شك في عدالة الله وعدالة رسوله ولا يليق بشأنهما ان ينسب الحيف والميل إليهما قطعا فتعين انه أُولئِكَ المهجورون عن ساحة عز القبول هُمُ الظَّالِمُونَ المقصورون على الظلم والخروج عن حد الاعتدال المائلون عن الصراط المستقيم الإلهي لمرض قلوبهم وخبث طينتهم.

ثم قال سبحانه على مقتضى سنته السنية المستمرة في كتابه إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ المخلصين على عكس المنافقين المترددين إِذا دُعُوا عند النزاع والخصومة إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ويزيل شبههم أَنْ يَقُولُوا طائعين راغبين سَمِعْنا وَأَطَعْنا بلا مطل وتسويف قد رضينا بما حكم الله ورسوله لنا وعلينا وَأُولئِكَ السعداء المقبولون عند الله وعند رسوله هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بالفلاح المقصورون على الصلاح والنجاح لا يتحولون منه بل يزادون عليه تفضلا وامتنانا

وَكيف لا يزادون على أجورهم مَنْ يُطِعِ اللَّهَ حق أطاعته وينقد له حق انقياده وَيتبع رَسُولَهُ حق أطاعته ومتابعته ايضا وَمع ذلك يَخْشَ اللَّهَ المنتقم الغيور فيما صدر عنه ومضى عليه من الذنوب بعد ما تاب وندم وَيَتَّقْهِ ويحذر عنه سبحانه فيما بقي من عمره فَأُولئِكَ المطيعون المنقادون بالله ورسوله الخائفون الخاشعون المخبتون المتقون هُمُ الْفائِزُونَ بالمثوبة العظمى والدرجة العليا عند الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا

وَ

من خباثة بواطن اهل الشرك والنفاق وشدة شكيمتهم وشقاقهم معك يا أكمل الرسل قد أَقْسَمُوا بِاللَّهِ

ترويجا لنفاقهم وتغريرا للمؤمنين جَهْدَ أَيْمانِهِمْ

غاية حلفهم مبالغين مغلظين فيها منكرين للامتناع عن حكم الرسول بقولهم والله لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ

يا أكمل الرسل يعنى المنافقين بالخروج عن الديار والجلاء عن الوطن لَيَخْرُجُنَ

عنها بلا مطل وتسويف ممتثلين لأمرك مطيعين لحكمك ولا يتأتى منهم الامتناع عن حكمك قطعا وما هذا الا من غاية تلبيسهم ونهاية نفاقهم وتغريرهم قُلْ

لهم يا أكمل الرسل بعد ما ظهر نفاقهم عندك بالهام منا إليك ووحى لا تُقْسِمُوا

بالله ايها المسرفون المفرطون ولا تبالغوا في الحلف الكاذب فان المطلوب منكم طاعَةٌ

واطاعة مجردة مَعْرُوفَةٌ

مشهورة بين الناس فقط بلا إتيان مخالفة منكم ظاهرا واما حال بواطنكم وقلوبكم فأمره عند الله إِنَّ اللَّهَ

المطلع على سرائركم وضمائركم خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ

وتقصدون في نفوسكم يجازيكم بمقتضى خبرته

قُلْ يا أكمل الرسل لعموم الناس على سبيل التبليغ العام والرسالة المطلقة أَطِيعُوا اللَّهَ المظهر لكم من كتم العدم وانقادوا لعموم أوامره ونواهيه وَأَطِيعُوا ايضا الرَّسُولَ المبعوث إليكم وصدقوه في جميع ما جاء به من عند ربكم فَإِنْ تَوَلَّوْا وانصرفوا بعد ما بلغت

<<  <  ج: ص:  >  >>