للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولون الأقدمون فيما مضى وهو اكْتَتَبَها واستنسخها من حبر وكتبها له كاتب وبعد ما أخذ سوادها فَهِيَ الأساطير المذكورة تُمْلى وتقرأ عَلَيْهِ اى على محمد بُكْرَةً وَأَصِيلًا غداة وعشيا على سبيل التكرار ليحفظها إذ هو أمي لا يقدر على ان يكرر من الكتاب وبعد ما قد حفظها على وجهها قراها على الناس مدعيا انها قد اوحى الى من عند الله وقد أنزلها على ملك سماوي اسمه جبرئيل

قُلْ يا أكمل الرسل بعد ما سمعت مقالهم وتفرست حالهم في العتو والعناد وانواع الإنكار والفساد قد أَنْزَلَهُ اى الفرقان على مع انى أمي كما اعترفتم لا قدرة لي على الإملاء فكيف على الإنشاء العليم الَّذِي يَعْلَمُ بعلمه الحضوري السِّرَّ المكنون والحكمة الكامنة فِي اشكال السَّماواتِ وَاقطار الْأَرْضِ ولهذا أعجزكم بكلامه هذا عن آخركم مع انكم أنتم من ذوى اللسن والفصاحة وعلى أعلى طبقات البلاغة والبراعة فعجزتم عن معارضته بحيث لم يتأت لكم إتيان مثل آية قصيرة منه مع كمال تحديكم ووفور دواعيكم ومع ذلك اما تستحيون ايها المسرفون المفرطون قد نسبتم اليه ما هو برئ منه وبنسبتكم هذه قد استوجبتم العذاب والعقاب عاجلا وآجلا الا انه سبحانه قد أمهلكم رجاء ان تنتبهوا بسوء صنيعكم هذا فترجعوا اليه سبحانه تائبين نادمين فيغفر لكم ما تقدم من ذنبكم ويرحمكم بتوبتكم إِنَّهُ سبحانه في ذاته قد كانَ غَفُوراً للأوابين التوابين رَحِيماً للمتندمين المخلصين

وبعد ما قد افرطوا في طعن الكتاب المنزل والقدح ولم يقصروا على القدح والطعن فيه فقط بل أخذوا في طعن من انزل اليه ايضا حسب عداوتهم وشدة شكيمتهم وضغينتهم معه وَقالُوا مستهزئين متهكمين مالِ هذَا الرَّسُولِ يدعى الرسالة والنبوة مع انه لا يتميز عن العوام إذ يَأْكُلُ الطَّعامَ كما نأكل وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لضبط امور معاشه كما نمشي فما مزيته علينا وامتيازه عنا حتى يكون رسولا علينا اولى منا وان كان صادقا في دعوى نزول الملك اليه بالوحي لَوْلا هلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ ظاهرا بلا سترة حتى نراه ونعاين به ونؤمن له بلا تردد فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً اى يكون الملك المنزل ردأ له في انذارنا وتبليغ الدعوة إلينا

أَوْ هلا يُلْقى إِلَيْهِ من قبل ربه كَنْزٌ فيستغنى به عن الخلق فيتبعه طمعا للإحسان أَوْ هلا تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ موهوبة له من ربه فيها انواع الثمرات والفواكه يَأْكُلُ مِنْها رغدا ويترفه بها أمدا ويعطى منها الناس فيتبعونه أفواجا وأحزابا وبالجملة ما له لا هذا ولا ذاك ولا ذلك فمن اين نصدق برسالته وباى شيء نعتقده نبيا وَبعد ما قد بالغوا في قدحه وإنكاره وافرطوا في استهزائه وسوء الأدب معه صلّى الله عليه وسلّم وبالجملة قد قالَ الظَّالِمُونَ المنكرون المستكبرون على سبيل الذب والاعراض لضعفاء الأنام عن متابعته صلّى الله عليه وسلّم لو اتبعتم ايها الناس لهذا المدعى وآمنتم به مع انكم قد سمعتم بل علمتم بيانا وابصرتم عيانا ان لا مزية له عليكم ولا امتياز بينه وبينكم إِنْ تَتَّبِعُونَ وما تؤمنون وتقتدون إذا إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً مجنونا قد سحر له فجن فاختبط واختل عقله وكل فهمه لذلك قد تكلم بكلام المجانين فاعرض عن معارضته العقلاء إذا لعقل قاصر عن ادراك مموهات الوهم وتسويلات الخيال وتصويراته

انْظُرْ يا أكمل الرسل كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ هؤلاء الضلال بعد ما عجزوا عن معارضتك وتاهوا في كمال رشدك وهدايتك وكيف توغلوا في الحيرة والضلال عن مدركاتك ومكانك فَضَلُّوا وتحيروا وانحسرت عقولهم عن الوصول الى كمالات مدركاتك وانواع هداياتك فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا لتعاليه عن مداركهم

<<  <  ج: ص:  >  >>