للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خاتمة سورة الفرقان]

عليك ايها المحمدي الملازم لتهذيب الأخلاق عن الرذائل وتطهير الصفات عن ذمائم الأفعال والأطوار وعن القبائح والأسرار وعن الميل والالتفات الى السوى والأغيار من الأمور المنافية المكدرة لصفاء مشرب التوحيد ان تتأمل وتتعمق في مرموزات الآيات العظام المذكورة في هذه السورة سيما في الآيات التي قد وصف بها سبحانه خلص عباده المتحققين بمرتبة العبودية المنكشفين بسعة اسمه الرحمن المظهر لمظاهر عموم الأكوان شهادة وغيبا وتتدبر في إشاراتها حق التدبر والتفكر الى ان يترسخ في قلبك معانيها ترسخا تاما وينتقش في صحيفة سرك وخاطرك فحاويها انتقاشا كاملا الى ان تصير من جملة وجدانياتك وذوقياتك وبعد ما قد صرت ذا وجدان وحال بها وذقت حلاوتها قد فزت بغرفات جنة الرضا ورضوان التسليم فحينئذ يترشح في صدرك من رشحات بحر الوحدة الذاتية وتعرضت أنت لروح الحق واستنشقت من نفحات النفسات الرحمانية المهبة من فناء حضرة الرحموت ومن قبل يمن عالم اللاهوت المصفية عن كدر التعينات الهيولانية والتعلقات الطبيعية فلك ان لا تنظر ولا تلتفت بعد ذلك ابدا الى مقتضيات علائق ناسوتك مطلقا وتجمع همك نحو لوازم لاهوتك لعل الله ينقذك بفضله عن أغلال انانيتك وسلاسل بشريتك بمنه وجوده

[سورة الشعراء]

[فاتحة سورة الشعراء]

لا يخفى على من تحقق بمقام الرضا والتسليم وفوض امره الى الحكيم العليم وانكشف له ان لا فاعل للافعال الا هو بل لا موجود في الوجود سواه ولا متصرف بالاستقلال والاختيار غيره ان جميع ما جرى في فضاء الوجود غيبا وشهادة ازلا وابدا انما هو مستند اليه سبحانه ومن آثار أوصافه وأسمائه بلا شركة ومظاهرة من احد سواه ومتى تحقق عنده هذه الأمور واتضح لديه هذا المذكور فله ان يترك التصرف مطلقا بحيث لا يحزن عن فقد شيء ولا يفرح عن وجده بل حينئذ لا بد ان يرتفع عنه الارادة والكراهة والوجدان والفقدان والربح والخسران والسرور والخذلان مطلقا بل صار راضيا بجميع ما جرى عليه من القضاء لذلك خاطب سبحانه حبيبه صلّى الله عليه وسلّم بما خاطب وعاتبه بما لاح عليه من امارات المحبة المفرطة والارادة الكاملة بإيمان من يدعوهم الى التوحيد من الكفرة المعاندين وعلامات الحزن والكراهة من إصرارهم وتعنتهم على ما هم عليه من الكفر والشقاق فقال متيمنا باسمه الأعلى تبارك وتعالى بِسْمِ اللَّهِ المدبر المصلح لمفاسد عباده بمقتضى ارادته واختياره الرَّحْمنِ عليهم بافاضة الوجود ليتنبهوا بربوبيته ويواظبوا على أداء طاعته وعبادته الرَّحِيمِ لهم يوصلهم الى فضاء وحدته بعد ما أخلصوا التوجه نحوه وأتوا بالأعمال الصالحات طلبا لمرضاته

[الآيات]

طسم يا طالب السعادة والسيادة المؤبدة المخلدة ويا طاهر الطينة والطوية من ادناس الطبيعة البشرية ويا سالم السر والسريرة من العلائق الناسوتية ويا ما حي آثار الرذائل المكدرة لصفاء مشرب التوحيد

تِلْكَ الآيات العظام المذكورة في هذه السورة آياتُ الْكِتابِ اى نبذ من آيات القرآن الْمُبِينِ المبين المظهر لدلائل التوحيد واليقين الموضح للبينات الساطعة والبراهين القاطعة الدالة على حقية دينك القويم انا أنزلناه إليك يا أكمل الرسل تأييدا لأمرك وتعظيما لشأنك فلك ان تبلغها على قاطبة الأنام وعامة المكلفين على الوجه

<<  <  ج: ص:  >  >>