للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبق منهم احد على وجه الأرض سوى اصحاب السفينة

إِنَّ فِي ذلِكَ الإنجاء والإغراق لَآيَةً عظيمة دالة على كمال قدرتنا وشدة سطوتنا وعلو شأننا وبسطتنا وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ اى اكثر الناس مُؤْمِنِينَ بوحدة وجودنا وكمال قدرتنا وعزتنا ومتانة حكمنا وحكمتنا

وَإِنَّ رَبَّكَ الذي وفقك يا أكمل الرسل على الايمان والتوحيد وكشف لك سرسريان وحدته الذاتية على هياكل المظاهر لَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب القاهر في نفسه القهار للاغيار بحيث لم يكن احد في فضاء الوجود سواه ولا اله يعبد له ويرجع في الخطوب والمهمات نحوه الا هو ليس كمثله شيء وهو السميع العليم الرَّحِيمُ لخلص عباده ممن جذبته العناية الازلية نحو بابه ويسر له الوصول الى جنابه. رب اجعلنا من المنجذبين إليك المنكشفين بوحدة ذاتك. ثم قال سبحانه مخبرا عن احوال المكذبين ايضا قد

كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ جميعه على الوجه الذي ذكر في تكذيب نوح عليه السلام وانما أنث باعتبار القبيلة وعاد اسم أبيهم اذكر وقت.

إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ حين رأى منهم ما هو امارات الكفر والفسوق وعلامات الخروج عن مقتضى العدالة والاستقامة الموضوعة بينهم بوضع الهى أَلا تَتَّقُونَ من بأس الله ايها المفرطون المسرفون ولا تحذرون عن حلول قهره وانتقامه ايها الجاهلون

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ مرسل إليكم من عنده لا بلغكم ما أرسلت به من قبل الحق من الأوامر والنواهي المصلحة لأحوالكم المبعدة عن غضب الله إياكم وقهره

فَاتَّقُوا اللَّهَ الغالب القادر المقتدر على انواع الانتقامات وَأَطِيعُونِ فيما أمرت لكم بوحي الله والهامه من الأمور المهذبة لأخلاقكم

وَاعلموا انى ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ومن جملة تربيته إرسال الرسل على المنحرفين عن سبيل الاستقامة المنصرفين عن طريق توحيده

أَتَبْنُونَ وتعمرون ايها المسرفون المستكبرون بِكُلِّ رِيعٍ تلال مرتفعة من الأرض آيَةً وعلامة تستدلون بها على سلوككم نحو مقاصدكم ومناهجكم مع ان النجوم الزاهرات انما ظهرت لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر وبالجملة أنتم بوضع هذه الآيات والعلامات تَعْبَثُونَ وترتكبون فعلا عبثا لا فائدة لكم فيها أصلا

وَايضا من جملة كبركم وخيلائكم تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ اى منابع الماء والقوانيت او قصورا عاليات وابنية شامخات مجصصة مشيدة لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وتأملون الخلود في دار الابتلاء والغرور لذلك تحكمون بناءكم وتشيدونها

وَمن غاية استكباركم وتجبركم إِذا بَطَشْتُمْ وأخذتم أحدا بجريمة صدرت عنه بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ متجبرين متكبرين خارجين عن مقتضى الحد الإلهي الموضوع للتأديب والتعزير

فَاتَّقُوا اللَّهَ المنتقم الغيور ان لا يأخذكم على أمثال هذه الجرائم والعدوان على عباده وَأَطِيعُونِ في نصحى وتذكيري لتنجوا من سخط الله وغضبه

وَبالجملة اتَّقُوا الله القادر العليم الحكيم الَّذِي أَمَدَّكُمْ ونصركم بِما تَعْلَمُونَ من انواع النعم واصناف الكرم الفائضة عليكم ثم فصل بعضا منها تنصيصا فقال قد

أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ تستمدون بها اكلا وحملا وركوبا وَبَنِينَ تظاهرون بهم وتفاخرون بنسبهم وسببهم

وَجَنَّاتٍ متنزهات ملتفة بأنواع الأشجار والكروم وَعُيُونٍ جاريات تجرى بين جناتكم من انهار المياه الصافيات وبالجملة

إِنِّي من غاية عطفي ومرحمتى قد أَخافُ عَلَيْكُمْ من شدة تعنتكم واستكباركم عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ اى نزول عذاب الله وانواع عقوباته فيه ثم لما سمعوا منه ما سمعوا من العظة والتذكير والنصيحة على طريق المبالغة

قالُوا من نهاية استكبارهم واستنكافهم وشدة انكارهم سَواءٌ عَلَيْنا يا هود أَوَعَظْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>