للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاتل بِالْعَبْدِ المقتول كذلك وبالحر بالطريق الاولى وَكذا تقتل الْأُنْثى القاتلة حرة كانت اوامة بِالْأُنْثى المقتولة ايضا كذلك كل لنظيرتها قياسا على الحر والعبد والامة بالحرة بالطريق الاولى وكذا بالذكرين منهما واما قتل الحر والحرة بالعبد والامة فقد خولف فيه والظاهر انه لم يقتل فَمَنْ عُفِيَ لَهُ اى للجاني والقاتل مِنْ أَخِيهِ اى من الحقوق والسهام المشتركة بين الغرماء الطالبين منه قصاص أخيهم المسلم المقتول بيده ظلما شَيْءٌ قليل من الحقوق المذكورة فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ اى فالحكم اللازم عليكم في دينكم ايها الغرماء متابعة المعروف المستحسن عند الله وعند المؤمنين الا وهو الرجوع الى الدية وعدم القصاص وَعليك ايها الجاني أَداءٌ اى أداء الدية التي هي فدية حياتك إِلَيْهِ اى الى ولى المقتول بِإِحْسانٍ معتذرا نادما متذللا على وجه الانكسار بلا مطل وتسويف ذلِكَ اى سقوط القصاص بعد عفو البعض ولزوم الدية بدله تَخْفِيفٌ لكم ايها المؤمنون وإصلاح لحالكم نازل مِنْ قبل رَبِّكُمْ اما التخفيف بالنسبة الى الغرماء فبتسكين القوة الغضبية وتليين الحمية العصبية بالأموال المسرة لنفوسهم بعد وقوع ما وقع واما بالنسبة الى الجاني فظاهر لإبقائه الحيوة بالمال وَرَحْمَةٌ نازلة لكم من ربكم لتصفية كدورتكم الواقعة بينكم بواسطة القتل فَمَنِ اعْتَدى وتجاوز منكم عن الحكم بَعْدَ ذلِكَ المذكور بان قتل الغرماء الجاني بعد عفو البعض وحكم الحاكم بأداء الدية او امتنع الجاني عن أداء الدية على الغرماء بعد الحكم فَلَهُ اى لكل من المعتدين عَذابٌ أَلِيمٌ يؤاخذون في الدنيا بما صدر عنهم ويعاقبون ايضا عليه في الآخرة

وَلَكُمْ ايها الموحدون المكاشفون بسرائر الشرائع والنواميس الإلهية الموضوعة بين المؤمنين في هذه النشأة سيما فِي الْقِصاصِ المسقط للجرائم الصادرة من جوارحكم البادية عليها بغيا وطغيانا حَياةٌ عظيمة حقيقية لكم في النشأة الاخرى إذ لا يؤخذون عليه فيها بعد مؤاخذتكم في النشأة الاولى يا أُولِي الْأَلْبابِ الناظرين بنور الحق في لب الأمور المعرضين عن قشورها لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ رجاء ان تتحفظوا عن مقتضى القوى البهيمية المنافية لطريق التوحيد المبنى على الاعتدال والوفاق المؤدية الى أمثال هذه الجرائم والجنايات الكبيرة

ثم قال سبحانه كُتِبَ عَلَيْكُمْ في دينكم ايضا ايها المؤمنون إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ اى ظهرت أسبابه واماراته إِنْ تَرَكَ خَيْراً مالا كثيرا يقبل التجزية والانقسام المعتد به بلا تحريم الورثة الْوَصِيَّةُ اى الحصة المستخرجة منها لرضاء الله إنفاقا للفقراء المستحقين لها وأفضل الوصية وأولاها الوصية لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ان كانوا مستحقين لها وأفضلها الإخراج بِالْمَعْرُوفِ المعتدل المستحسن بين الناس بحيث لا يتجاوز عن ثلث المال حتى لا يؤدى الى تحريم الورثة وانما فرض الوصية في دينكم ايها المؤمنون حَقًّا لازما عَلَى الْمُتَّقِينَ اداؤه حفظا لغبطة الفقراء ومحبة ذوى القربى وامدادا لهم

فَمَنْ بَدَّلَهُ وغيره من الحضار والأوصياء الشاهدين عليها سيما بَعْدَ ما سَمِعَهُ من الموصى صريحا فَإِنَّما إِثْمُهُ- اى اثم التبديل والتغيير عَلَى المغيرين الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ظلما وزورا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بأقوال الموصى عَلِيمٌ بنيته فيها وبما صدر من المبدلين المغيرين ايضا فيجازى كلا منهم على مقتضى علمه وخبرته

فَمَنْ خافَ من الأوصياء والوكلاء مِنْ مُوصٍ حين الوصية جَنَفاً وميلا ببعض المستحقين ناشئا عن الغفلة بحالهم بلا قصد أَوْ إِثْماً ناشئا عن القصد فَأَصْلَحَ الوصي الخائف بَيْنَهُمْ اى الموصى لهم على مقتضى علمه بأحوالهم فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ اى على الوصي في هذا التبديل والتغيير بل يرجى من الله باصلاحه الثواب له ولمن اوصى اليه ايضا

<<  <  ج: ص:  >  >>