للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من نسل يعرب بن قحطان وأمها كانت جنية لأنه ما كان يرى التزوج من الانس ولم يكن له ولد غيرها لذلك قد ورثت منه الملك فملكت وَمن كمال عظمتها وشوكتها ورتبتها ووفور زينتها قد أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ نفائسه وعجائبه ما لا يعد ولا يحصى وَلَها من جملة البدائع عَرْشٌ عَظِيمٌ من جميع عروش ارباب الولاية والملك قيل كان ثمانين ذراعا في ثمانين وارتفاعه ثلاثين او ثمانين ايضا وهو متخذ من الذهب والفضة مكلل بالدر والزمرد والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر وقد كانت قوائمه من ياقوت احمر واخضر وزمرد وعليه سبعة بيوتات على كل بيت باب مغلق وبالجملة

وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ ويعبدونها مِنْ دُونِ اللَّهِ المستحق للتذلل والعبادة وَمن غاية جهلهم بالله وغفلتهم عن كمال أوصافه العظمى وأسمائه الحسنى قد زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ هذه وعبادتهم هكذا فَصَدَّهُمْ الشيطان وصرفهم بتزيينه وتغريره عَنِ السَّبِيلِ السوى الموصل الى توحيد الحق الحقيق بالعبودية والتذلل فَهُمْ بسبب تضليل الشيطان وتغريره إياهم ورسوخهم على ما قد زينه لهم لا يَهْتَدُونَ الى التوحيد حسب فطرتهم الاصلية وجبلتهم الحقيقة فلا بد لهم من مرشد كامل وهاد مشفق يهديهم الى سواء السبيل مع انهم من زمرة العقلاء المميزين بين الهداية والضلال لأنهم لانهماكهم في الغفلة والغرور قد زين لهم الشيطان عبادة الشمس التي من جملة مظاهر الحق مقتصرين العبادة عليها لقصور نظرهم ولو نبههم منبه نبيه على توحيد الله واستقلاله سبحانه في عموم مظاهره لعل الله يوقظهم من منام الغفلة بان قال لهم مناديا إياهم

أَلَّا يَسْجُدُوا يعنى تنبهوا ايها الفاقدون قبلة سجودكم ووجهة معبودكم وانصرفوا عنها ايها القوم الضالون المنصرفون عن المسجود الحقيقي والمعبود المعنوي بل اسجدوا وتذللوا لِلَّهِ المتجلى في الأكوان المنزه عن الحلول في الجهات والمكان المقدس عن تتابع الساعات عليه وتعاقب الآنات والأزمان إياه بل له شأن لا يشغله شأن ولا يجرى عليه زمان ومكان العليم القدير الَّذِي يُخْرِجُ ويظهر بمقتضى علمه المحيط وقدرته الكاملة الشاملة الْخَبْءَ اى الشيء الخفى المطوى المكنون الكائن فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى سموات الأسماء الإلهية وأوصافه الذاتية وَايضا يَعْلَمُ سبحانه بعلمه الحضوري عموم ما تُخْفُونَ تكتمون وتسترون أنتم في سرائركم وضمائركم بل بالخفيات التي لا اطلاع لكم عليها أصلا بمقتضى قابلياتكم واستعداداتكم وَكذا عموم ما تُعْلِنُونَ أنتم ايضا من أفعالكم وأحوالكم وكيف لا يظهر المكنون من الأمور ولا يعلم خفيات الصدور

اللَّهُ الواحد الأحد الفرد الصمد الحي القيوم الذي لا إِلهَ ولا موجود في الوجود إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ المحيط بجميع ما قد لمع عليه بروق تجلياته المتشعشعة المتجددة المترتبة على أسمائه الذاتية الكاملة المستدعية للظهور والبروز عن أوصافه الفعلية والمقتضية لإظهار ما قد كمن من الكمالات المندمجة في الذات الاحدية الى فضاء الوجود والشهود وبعد ما سمع سليمان منه ما سمع

قالَ ممهلا عليه مستأخرا سَنَنْظُرُ ونصبر الى ان يظهر لدينا أَصَدَقْتَ فيما أخبرت به أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ المزورين قد زورت هذا للتخلص من العذاب الأليم. ولما صح الخبر ووضح صدقه عند سليمان صلوات الرحمن عليه وسلامه أراد ان يرسل الهدهد رسولا الى بلقيس فأمر الكتاب ان يكتبوا كتابا هكذا بسم الله الرحمن الرحيم السلام على من اتبع الهدى اما بعد فلا تعلوا على وأتونى مسلمين ثم طبعه بالمسك وختمه بخاتمه ثم قال للهدهد

اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ بحيث لم يتفطنوا بك وبأمرك ثُمَّ تَوَلَّ وانصرف

<<  <  ج: ص:  >  >>