للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

درة عذراء لا ثقب لها وجزعة معوجة الثقب وقالت ان كان نبيا ميز بين الغلمان والجواري وثقب الدرة ثقبا مستويا وسلك في الجزعة خيطا وأرسلت ايضا أموالا عظاما من لبنات الذهب والفضة والعود والعنبر والكافور والمسك ومن أجناس الجواهر والنفائس من كل شيء فلما وصلوا معسكره قد رأوا عظمه ما شهدوا مثلها قط ولا سمعوا ايضا من احد

فَلَمَّا جاءَ الرسل سُلَيْمانَ وحضروا عنده على الوجه المعروف نظر نحوهم بوجه حسن طلق وتكلم معهم لينا حزنا مستخبرا عن احوال ملكتهم ومملكتهم ثم قالَ ما أمركم وشأنكم فأعطوا كتاب بلقيس فنظر فيه فإذا هي قد فصلت فيه جميع ممتحناتها قال سليمان عليه السلام اين الحقة فجئ بها فقال ان فيها درة ثمينة غير مثقوبة وجزعة معوجة الثقب فأمر سليما الارضة فأخذت شعرة فدخلت في الدرة حتى خرجت من الجانب الآخر وامر دودة اخرى حتى دخلت في الجزعة المعوجة الثقب بخيط وخرجت من الجانب الآخر وميز ايضا بين الجواري والغلمان حيث أمرهم بغسل الوجه واليد فكانت الجارية تأخذ الماء بإحدى يديها وتصبه في الاخرى ثم تضربه وجهها والغلام كما يأخذه يضرب به الوجه ثم أتوا ببقاء الهدايا المرسلة فأبى سليمان عليه السلام وامتنع من قبولها ورد كله إليهم مهددا عليهم حيث قال أَتُمِدُّونَنِ وتزيدونني بِمالٍ يميل إليها أبناء الدنيا الدنية المحرومون عن اللذات الاخروية فَما آتانِيَ اللَّهُ المنعم المفضل على من الأمور الاخروية واللذات اللدنية من النبوة والرسالة وتسخير الثقلين والرياح والطيور والوحوش وجميع من في الجو وعلى وجه الأرض خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ من حطام الدنيا ومزخرفاتها الفانية فما لنا ميل والتفات إليها بَلْ أَنْتُمْ وأمثالكم من أبناء الدنيا بِهَدِيَّتِكُمْ هذه تَفْرَحُونَ تميلون وتسرون بها لفخركم بأمثال هذه الزخارف لقصور نظركم عليها وغفلتكم عن الأمور الاخروية

ارْجِعْ ايها الرسول إِلَيْهِمْ اى الى ملكتكم ومن معها من الجنود وقل لهم ما مطلوبي منهم ومن أمثالهم الا الايمان بالله المتوحد بالالوهية والربوبية والانقياد له والإطاعة لأحكامه وبالجملة قد لزم عليهم الإتيان إلينا مؤمنين مسلمين موحدين منقادين والا فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ من الانس والجن واصناف الوحوش والطيور وانواع السباع والبهائم والهوام والحشرات بالغة من الكثرة الى حد لا قِبَلَ لَهُمْ بِها ولا يسع لهم مقابلتها من بعيد فكيف ممانعتها ومقاتلتها وَبعد ما لم يسع لهم المقابلة والمقاتلة لَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها اى من بلادهم المألوفة أَذِلَّةً ضعفاء ذليلين وَهُمْ حينئذ صاغِرُونَ مهانون أسراء بأيدي هؤلاء العفاريت. ثم لما رجع الرسل مع ما اهدت من الهدايا على وجهها وقد حل جميع ممتحناتها ومشاكلاتها قالت بلقيس قد علم انه ليس بملك بل هو نبي من الأنبياء مؤيد بأمر سماوي وما لنا طاقة مقاومتها ومقابلتها معه وما لنا سوى المصالحة والإطاعة بامره والحضور عنده ثم أرسلت بلقيس اليه صلوات الرحمن عليه رسولا ثانيا قائلا منها حاكيا عنها انى قادمة الى شرف خدمتكم وحضوركم عن قريب وأخذت بتهيئة الأسباب حتى تخرج وجعلت سريرها داخل سبعة أبواب في قصرها وقد كان قصرها داخل سبعة قصور وأغلقت كل الأبواب ووكلت عليها حراسا متعددة وارتحلت نحو سليمان عليه السلام فلما دنت اليه رأى سليمان حين كان على سريره جما غفيرا من السواد مسيرة فرسخ فسأل عنهم فقالوا هي بلقيس قد أتت بجنودها مطيعين مسلمين

قالَ سليمان عليه السلام لمن حوله من الجن والانس يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي ويحضروا عندي مُسْلِمِينَ مؤمنين إذ بعد ما قد أتوا لا يجوز إتيان عرشها الا باذنها إذ لا يصح

<<  <  ج: ص:  >  >>