للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجتنبون عن نواهينا ومحظوراتنا قابلون للإرشاد والتكميل فهم من شدة شقاوتهم وغلظ غشاوتهم لا يؤمنون بك ولا يسلمون في أنفسهم لكنهم مجبولون على الشقاوة الاصلية والضلالة الجبلية فكيف يتأتى لك اسماعهم وإرشادهم

وَاصبر يا أكمل الرسل وقت إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ الموعود عَلَيْهِمْ ولاح امارات الساعة وظهر علامات القيامة ودنا وقت قيامها أَخْرَجْنا لَهُمْ قبيل قيام الساعة دَابَّةً عظيمة مِنَ الْأَرْضِ لتكون امارة على قيامها دالة على كمال قدرتنا على احياء الأموات من العظام الرفات طولها سبعون ذراعا ولها قوائم وزغب اى شعرات صفر كريش الفرخ وريش وجناحان يقال لها الجساسة لا يفوتها هارب ولا يدركها طالب سئل عليه السلام عن مخرجها فقال من أعظم المساجد حرمة على الله يعنى المسجد الحرام فإذا خرجت عليهم تُكَلِّمُهُمْ وتخاطب معهم بسوء فعالهم وحسن خصالهم فتفرق المؤمن من الكافر وتميزهم وحينئذ قد ظهر أَنَّ النَّاسَ المنهمكين في بحر الغفلة والنسيان لأي شيء كانُوا بِآياتِنا الواصلة إليهم من ألسنة رسلنا لا يُوقِنُونَ ولا يذعنون بل ينكرون ويكذبون عنادا ومكابرة

وَاذكر لهم يا أكمل الرسل يَوْمَ نَحْشُرُ ونسوق عند قيام الساعة مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً فرقة وجماعة هي صناديدهم ورؤساؤهم مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا التي قد جاء بها الرسل لهدايتهم وإرشادهم فَهُمْ في حين حشرهم وسوقهم يُوزَعُونَ اى يحبس اولهم لآخرهم حتى يتلاحقوا ويزدحموا وبالجملة يساقون أولئك المجرمون هكذا

حَتَّى إِذا جاؤُ المحشر وحضروا الموعد وعرضوا على الله صافين صاغرين جاثمين جالسين على ركبهم باركين قالَ قائل من قبل سرادقات العظمة والجلال معيّرا عليهم وموبخا أَكَذَّبْتُمْ أنتم ايها المسرفون المكذبون بِآياتِي في بادئ الرأى بلا تأمل وتدبر فيها وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً ولم تطرحوا نظركم وعقولكم عن فحص معانيها وضبط فحاويها حتى ظهر عندكم ولاح عليكم هل هي جدير بالرد والإنكار أم هي حقيق بالقبول والاعتبار فبادرتم الى تكذيبها دفعة بلا إمعان فيها أَمَّا ذا اى أم اى شيء شنيع وامر فظيع قد كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أنتم ايها الجاهلون المسرفون هذا. وبعد ما قد جرى من قبل الحق من انواع التوبيخ والتقريع ما جرى سكتوا حائرين خائبين منكوسين

وَحينئذ قد وَقَعَ الْقَوْلُ المعهود منا وتحقق الوعد المحقق وحل العذاب الموعود عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا اى بسبب ظلمهم السابق الواقع منهم في النشأة الاولى فَهُمْ حينئذ لا يَنْطِقُونَ ولا يعتذرون ولا يتضرعون لانكبابهم على النار منكوسين بحيث لا يسع لهم التنطق والتضرع أصلا

أَلَمْ يَرَوْا ولم ينظروا أولئك الحمقى العميان بنظر العبرة والاستبصار الى مصنوعاتنا المتبدلة المتغيرة المجبورة المقهورة تحت قدرتنا واختيارنا ليتحقق عندهم امر الساعة ولم يبادروا الى إنكارها حتى لا يلحقهم ما لحقهم أَنَّا من كمال قدرتنا ووفور حولنا وقوتنا كيف جَعَلْنَا اللَّيْلَ مظلما لِيَسْكُنُوا فِيهِ بلا دغدغة منهم الى الحركة والاشتغال وَكيف جعلنا النَّهارَ مُبْصِراً مضيئا يتحركون ويترددون لشغل معاشهم إِنَّ فِي ذلِكَ الاضائة والاظلام على التعاقب والتوالي لَآياتٍ دلائل قاطعات وشواهد ساطعات دالة على قدرة القدير القادر المقتدر على أمثال هذه المقدورات المتقنة والمصنوعات المحكمة الصادرة عن محض الحكمة لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ويذعنون بوحدة ذات الله وكمالات أسمائه وأوصافه

وَاذكر يا أكمل الرسل تنبيها على التائهين في بيداء الغفلة يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ألا وهو البوق الموضوع المنفوخ فيه لحشر الأموات من اجداثها فَفَزِعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>