للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ايضا عند ذوى المعارف واولى الألباب الناظرين في لب القرآن فحينئذ قد فزت بحظك منه ونلت نصيبك من هدايته وإرشاده على قدر استعدادك واستجماع وسعك رب هب لي من فضلك من خزائن جودك التي او دعتها في كتابك الكريم انك أنت الوهاب والملهم بالخير والصواب

[سورة القصص]

[فاتحة سورة القصص]

لا يخفى على من تحقق بوحدة الحق وانكشف باستقلاله وتوحده في التحقق والوجود وشهد حضوره في الأكوان كلها. بلا مزاحمة ضد وشريك ومظاهرة مثل وظهير ان وحدة الحق تستدعى نفى الكثرة والتعدد مطلقا ولهذا ما ظهر في فضاء الوجود الا ما لمع عليه بروق تجلياته الحبية حسب أوصافه وأسمائه الذاتية ومن انكشف له هذا المشهد العظيم لم يسمع من احد ان يدعى الوجود لنفسه فكيف ان يدعى الألوهية والربوبية والاستقلال بالآثار والتصرفات الواردة في عالم الغيب والشهادة ومن ظهر على الله الواحد الأحد الفرد الصمد بأمثال هذه الدعوى الكاذبة وترقى فيها جهلا وعتوا الى ان قال أنار بكم الأعلى فمن كمال غيرة الله وحميته على نفسه ان يطرد من يدعى أمثال هذه الدعوى عن ساحة عز حضوره ويهلكه باشد العذاب وأسوأ العقاب في النشأة الاولى والاخرى لذلك خاطب سبحانه حبيبه صلى الله عليه وسلم بما خاطب وأخبره في هذه السورة من نبأ أخيه موسى عليه السلام مع من تكبر واستعلى على الأرض الى حيث قد استعبد من عليها مدعيا الألوهية والربوبية لنفسه لذلك قد اخذه الله نكال الآخرة والاولى ان في ذلك لعبرة لمن يخشى من قهر الله وغضبه فقال سبحانه متيمنا باسمه العلى الأعلى بِسْمِ اللَّهِ المتجلى بجمعيته في الأكوان على مقتضى الأوصاف والأسماء الحسان الرَّحْمنِ بعموم المكونات بافاضة الوجود على سبيل السواء بلا تفاوت في خلقه وإظهاره لعموم الوراء الرَّحِيمِ لخواص عباده يوصلهم الى توحيد ذاته بافاضة انواع الرشد واصناف الهدى

[الآيات]

طسم يا طالب السعادة المؤبدة المخلدة ويا طيب الطينة ويا سالم السر والسريرة المنزه المقدس عن المكدرات الطبيعية المورثة لانواع الجهالات والضلالات المنافية لصفاء مشرب التوحيد

تِلْكَ الآيات المتلوة عليك يا أكمل الرسل في هذه السورة الحاكية عن قصص اخوانك من الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم أجمعين آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ اى نبذ مما ثبت في لوح القضاء وحضرة العلم المحيط الإلهي الظاهر احاطته وشموله لجميع ما لاح عليه شروق شمس الوجود

نَتْلُوا عَلَيْكَ ونحكى لك يا أكمل الرسل مِنْ نَبَإِ مُوسى أخيك الكليم وَفِرْعَوْنَ المستكبر المستعلى المفرط في العتو والعناد انما أنزلناه إليك هذا ملتبسا بِالْحَقِّ المطابق للواقع مع كونك خالي الذهن عنه وعن أمثاله لكونك اميا لا تقدر على مطالعة كتب التواريخ وانما أنزلناه إليك لتكون آية ودليلا لك على صدقك في دعواك الرسالة لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ بك ويصدقون رسالتك ونبوتك وذلك

إِنَّ فِرْعَوْنَ المفسد المسرف قد عَلا وأفرط فِي الْأَرْضِ اى ارض مصر وترقى امره الى حيث تفوه بانا ربكم الأعلى وَمن كمال عتوه واستكباره قد جَعَلَ أَهْلَها اى اهل مصر ومن يسكنون حولها شِيَعاً اى فرقا وأحزابا يشايعون له لدى الحاجة ويزدحمون عليه عند الارادة طوعا وكرها وبعد ما قد رأى فرعون في منامه ليلا ان نارا تخرج من دور بنى إسرائيل وتقع على داره وتحرقه وما حولها من دور القبط ولم تضر بدور بنى إسرائيل أصلا فأصبح وامر بإحضار الكاهن العليم فاستعبر عنه الرؤيا فقال له الكاهن

<<  <  ج: ص:  >  >>