للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد أخذناهم عليها رَبَّنا لَوْلا هلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا من عندك مؤيدا من لدنك بالآيات البينات فَنَتَّبِعَ آياتِكَ حينئذ البالغة إلينا برسالته ونصدقها ونعمل بمقتضاها وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الموقنين بوحدانيتك المخلصين في إيمانك وتوحيدك المخلصين من عذابك ما أرسلناك ولكن قد أرسلنا الرسل وأنزلنا الكتب لذلك

فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ اى الرسول المرسل مِنْ عِنْدِنا ملتبسا بالحق مؤيدا بالآيات الساطعة والبراهين القاطعة قالُوا من خبث طينتهم وشدة شكيمتهم وضغينتهم لَوْلا هلا أُوتِيَ بهذا الرسول المرسل إلينا من الدلائل والمعجزات مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى حتى نصدقه ونؤمن به وبالجملة ما هذا الا من غاية غيهم وضلالهم وغلظ حجبهم وكثافة غشاوتهم ولذا لو اوتى لك مثل ما اوتى موسى لكفروا لك البتة أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ حيث قالُوا بعد ما شاهدوا دلائل معجزاته مبالغين في رده وإنكاره سِحْرانِ او ساحران على القرائتين تَظاهَرا يعنون هارون وموسى مع ان ما أتيا به بعيد بمراحل عن السحر وأنتم ايضا ايها الضالون من بقية من كفروا بدلائل موسى ونسبوها الى السحر ولو آتينا محمدا صلى الله عليه وسلم مثل ما أتينا موسى لكفرتم به البتة كما كفر اسلافكم بآيات موسى ومعجزاته مع ان دلائل محمد صلى الله عليه وسلم أقوى من دلائل موسى عليه السلام وكتابه اجمع من كتابه أتم نظما وأكمل معرفة وأعم حكما واشمل فائدة وَبعد ما سمعوا ما دل على خباثة فطرتهم قالُوا

مظهرين ما في نفوسهم من الشرك والنفاق إِنَّا بِكُلٍّ ممن يدعى الرسالة والنبوة والإرشاد والهداية كافِرُونَ منكرون وبالجملة نحن لا نقبل مطلقا من أبناء جنسنا أمثال هذه المفتريات التي قد اختلقوا عن تلقاء أنفسهم ونسبوها ترويجا الى ما لا وجود له في الواقع وسموه الها واحدا أحدا صمدا فردا وترا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا

قُلْ يا أكمل الرسل على سبيل التعجيز والتوبيخ بعد ما قد عاينت منهم الكفر على ابلغ وجه وآكده فَأْتُوا ايها المفسدون المسرفون بِكِتابٍ نازل مِنْ عِنْدِ اللَّهِ المنزل الكتب لإرشاد عباده هُوَ أَهْدى مِنْهُما اى من التوراة والقرآن أَتَّبِعْهُ اى ذلك الكتاب وما فيه من الاحكام وامتثل لأوامره واجتنب عما نهى فيه إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في نسبتنا الى السحر

فَإِنْ عجزوا عن الإتيان ولَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ ما طلبت منهم فَاعْلَمْ يا أكمل الرسل يقينا أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ اى انهم ما يتبعون الا أهواءهم الفاسدة وآراءهم الباطلة بلا متابعة منهم الى ملة من الملل السالفة ودين من الأديان السابقة وَمَنْ أَضَلُّ طريقا وأشد غيا وأسوأ حالا ومآلا مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ حال كونه بِغَيْرِ هُدىً ولا توفيق وارشاد ناش مِنَ اللَّهِ الميسر لأمور عباده وكيف يوفقهم الحق ويهديهم إِنَّ اللَّهَ الحكيم المتقن في أفعاله لا يَهْدِي الى الطريق المستبين الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الخارجين عن مقتضيات أوامره ونواهيه إذ هم منهمكون في بحر الغفلة والضلال بحيث لا يرجى نجاتهم منها أصلا

وَلَقَدْ وَصَّلْنا وفصلنا لَهُمُ الْقَوْلَ بان قد اتبعنا الاحكام بالحكم والأوامر بالمواعظ والتذكيرات والنواهي بالعبر والأمثال وقد أوضحنا الكل بالقصص والوعيدات الهائلة الواردة على اصحاب الغفلة والنسيان وبتنزيل انواع العذاب والنكال على اهل الكفر والإنكار كل ذلك لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ فيتعظون منها ويؤمنون بها ويقبلون ما فيها ومع ذلك لم يتعظوا ولم يتأثروا ولم يقبلوا ولم يؤمنوا. ثم قال سبحانه

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ اى التوراة ووفقناهم على امتثال ما فيها من الأوامر والنواهي وعموم الأمور المتعلقة بالمعتقدات الدينية مِنْ قَبْلِهِ اى قبل نزول القرآن هُمْ بِهِ اى بالقرآن او بمحمد عليه السلام يُؤْمِنُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>