للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ هم مصدقون بعموم ما في كتابهم ومن جملة الأمور المثبتة فيه إرسال محمد صلى الله عليه وسلم وإنزال القرآن اليه وهم يؤمنون به قبل بعثته صلّى الله عليه وسلّم ونزول القرآن بمدة متطاولة

وَبعد نزول القرآن إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا مسلمين مصدقين آمَنَّا بِهِ واعتقدنا إِنَّهُ الْحَقُّ المطابق للواقع النازل المنزل مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ اى قبل نزوله مُسْلِمِينَ منقادين لجميع ما فيه مصدقين له مؤمنين بمن انزل اليه إذ الايمان به من جملة المعتقدات المثبتة في كتابنا فالآن لم لم نؤمن مع انا قد وجدناه مطابقا لما علمناه وحفظناه في كتابنا وعلى الوجه الذي تلوناه فيه وبالجملة

أُولئِكَ السعداء المقبولون عند الله يُؤْتَوْنَ ويعطون أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ وضعفين مرة على الايمان السابق بالقرآن وبمحمد حسب ما ثبت في كتابهم ومرة على الايمان اللاحق بعد ما عاينوا ما وصف لهم في كتابهم وانما ضعّفوا في جزائهم بِما صَبَرُوا وثبتوا على ما نزل عليهم من قبل الحق ولم يتركوا امتثاله لا سابقا ولا لاحقا وَهم بسبب دوامهم وثباتهم على ما أمروا في كتابهم يَدْرَؤُنَ يسقطون ويدفعون بِالْحَسَنَةِ اى الخصلة الحميدة الجميلة الموجبة لانواع الإفضال والانعام السَّيِّئَةَ الجالبة لانواع العذاب والخذلان وَهم ايضا من كمال اتصافهم بالإيمان والإحسان مِمَّا رَزَقْناهُمْ واقدرناهم على اقترافه وكسبه يُنْفِقُونَ في سبيلنا طلبا لمرضاتنا

وَايضا هم من كمال تحفظهم وصيانتهم عن نواهينا إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ اى الكلام الخالي عن المصلحة الدينية أَعْرَضُوا عَنْهُ اتقاء وتحرزا عن وصمة المداهنة والمراضاة بما لا يرضى به سبحانه وَقالُوا من سلامة نفوسهم وكمال علمهم للمرتكبين به بعد ما لم يقدروا على نهيهم لَنا أَعْمالُنا التي قد اقترفناها بسعينا واجتهادنا اى جزاؤها وما يترتب عليها وَلَكُمْ ايضا أَعْمالُكُمْ التي أنتم عليها مصرون وبجزائها متربصون وقالوا لهم حين توديعهم والذب عنهم سَلامٌ عَلَيْكُمْ يعنى سلمكم الله العفو الرحيم عن عوائد ما كنتم عليه ووفقكم على التوبة والانابة عنه ومالنا معكم مطالبة ومجادلة سوى انا لا نَبْتَغِي ولا نطلب مصاحبة الْجاهِلِينَ بسوء عواقب الخصائل الذميمة الغير المرضية عند الله وعند خلص عباده. ثم لما احتضر ابو طالب ودنا ان يخرج من الدنيا جاءه رسول الله صلّى الله عليه مهتما بإيمانه وتوحيده فقال له قل يا عمى مرة لا اله الا الله انا أحاج بها لك عند ربي فأخرجك بها عن زمرة المشركين قال يا ابن أخى والله لقد علمت يقينا انك لصادق صدق صدوق في جميع ما جئت به لكن اكره ان يقال قد جزع ابو طالب عند الموت اى ضعف وجبن لذلك آمن بابن أخيه انزل سبحانه هذه الآية تأديبا لحبيبه صلّى الله عليه وسلّم وردعا عن طلب شيء لا يرجى حصوله فقال

إِنَّكَ يا أكمل الرسل من شدة حرصك واهتمامك لا تَهْدِي ولا ترشد الى طريق الحق وسبيل توحيده عموم مَنْ أَحْبَبْتَ وأردت إيمانه وَلكِنَّ اللَّهَ المطلع على استعدادات عباده يَهْدِي ويوفق على الايمان والإطاعة بدين الإسلام مَنْ يَشاءُ هدايته واثبت سعادته وتوحيده في لوح قضائه وَهُوَ سبحانه أَعْلَمُ بعلمه الحضوري بِالْمُهْتَدِينَ من عباده بعد ما بلغت لهم ما قد أمرك الحق بتبليغه وبالجملة ما عليك الا البلاغ والهداية والرشد والإرشاد الى سبيل السداد انما هو بإرادته سبحانه وبمقتضى اختياره ومشيئته ومن الاعراب قوم جاءوا الى رسول الله صلّى الله عليه وسلم

وَقالُوا انا قد علمنا يقينا انك على الحق والهداية والرشد لكنا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ ونؤمن بك ونعمل بدينك ونمتثل بجميع ما قد جئت به من عند ربك على الوجه الذي اعتقدناك نُتَخَطَّفْ ونخرج مِنْ أَرْضِنا التي كنا مستقرين عليها بمخالفتنا

<<  <  ج: ص:  >  >>