للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مع المشركين المعرضين عن طريق الحق المائلين عنه تعنتا واستكبارا لا سيما مع الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ ويقصدون استيصالكم بادين للقتال مجترئين عليها وَلا تَعْتَدُوا ولا تتجاوزوا ايها المؤمنون عما نهيتم عنه من قتل المعاهد والعجزة والاقتحام في الحرب فجأة والمقاتلة في الحرم وفي الشهور المحرمة والابتداء بالمقاتلة وغير ذلك إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ المتجاوزين عن الحدود والعهود المحفوظة شرعا

وَان اجتمعوا لقتالكم وتوجهوا نحوكم اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ اى في اى مكان وجدتموهم في حل او حرم وَأَخْرِجُوهُمْ ان ظفرتم عليهم مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ يعنى مكة وَبالجملة القوا بينهم الفتن والاضطراب وأوقعوهم في حيص بيص إذ الْفِتْنَةُ أَشَدُّ تأثيرا مِنَ الْقَتْلِ لان اثر القتل منقطع به واثر الفتنة مستمر دائم غير منقطع وَعليكم المحافظة للعهود سيما القتل لا تُقاتِلُوهُمْ وأنتم بادون للقتل سيما عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الذي قد حرم عنده ازالة الحيوة مطلقا حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ وهم بادون معتدون عن الحدود ناقضون للعهود فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فيه فَاقْتُلُوهُمْ بعد ذلك فيه ايضا قائلين لهم كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ الهاتكين حرمة بيت الله

فَإِنِ انْتَهَوْا عن الكفر والقتال مع المؤمنين وآمنوا على وجه الإخلاص فَإِنَّ اللَّهَ المطلع بما في ضمائرهم ونياتهم غَفُورٌ لما صدر عنهم من الكفر رَحِيمٌ بهم يقبل منهم الايمان والإسلام بعد ما أخلصوا

وَان لم يؤمنوا قاتِلُوهُمْ ايها المؤمنون الى ان تستأصلوهم حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ اى لا تبقى فتنتهم على وجه الأرض وخلافهم عليها بل وَيَكُونَ الدِّينُ كله لِلَّهِ بلا مزاحم ومخاصم فَإِنِ انْتَهَوْا عن كفرهم بلا مقاتلة ودخلوا في دين الإسلام طائعين فَلا عُدْوانَ ولا عداوة تبقى لكم معهم بل هم إخوانكم في الدين إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ اى مع القوم الظالمين منهم المجاوزين عن الحدود والعهود المصرين على ما هم عليه من الكفر والجحود وبعد ما قاتل الكفار مع المؤمنين عام الحديبية في ذي القعدة الحرام وعزم المؤمنون على الخروج الى مكة لعمرة القضاء ايضا في السنة الثانية وهم يكرهون القتال لئلا يهتكوا حرمة شهر هم هذا كما هتكوا انزل الله عليهم هذه الآية

فقال الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ اى لا تبالوا ولا تمتنعوا ايها المؤمنون عن القتال فيه إذ هتككم حرمة شهركم في هذه السنة بسبب هتكهم حرمته في السنة السابقة فيئول اثم كلا الهتكين إليهم وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ يعنى واعلموا ان الحرمات التي يجب المحافظة عليها وعدم هتكها يجرى فيها القصاص بالمثل فلما هتكوا حرمة هذا الشهر في السنة السابقة فافعلوا أنتم معهم في هذه السنة بمثله ولا تجاوزوا عنه فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وهذا ايضا من جملة الحدود الموضوعة فيكم لإصلاح حالكم وتهذيب أخلاقكم وَاتَّقُوا اللَّهَ ان تتخلفوا عن حدوده بالاقدام على ما نهيتم عنه والاعراض عما أمرتم به وَاعْلَمُوا ايها المؤمنون أَنَّ اللَّهَ المدبر لكم المصلح لأحوالكم مَعَ الْمُتَّقِينَ منكم وهم الذين يحفظون نفوسهم عن محارم الله ومنهياته ويرغبونها نحو أوامر الله ومرضياته

وَايضا من جملة الأخلاق الموضوعة فيكم الانفاق من فواضل أموالكم الى الفقراء والمساكين وهم الذين قد أسكنهم لوازم الإمكان والافتقار في زاوية الخمول أَنْفِقُوا ايها المؤمنون فِي سَبِيلِ اللَّهِ مقتصدين فيه بين طرفي التبذير والتقتير المذمومين عند الله ولدي المؤمنين وَبالجملة لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ انفسكم إِلَى التَّهْلُكَةِ والمشقة بالإسراف والتضييع او بالبخل والتقتير إذ بالبخل تبقى النفس في ظلمة الإمكان وتوطن

<<  <  ج: ص:  >  >>