للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستعينا منهم بل لك ان تبلغ وتمضى على الوجه الذي أمرت بلا مبالاة لهم ومداراة معهم

وَلا يَصُدُّنَّكَ ولا تصرفنك مواساتهم ومداراتهم على المسامحة معهم عَنْ تبليغ آياتِ اللَّهِ المشتملة على انواع الإنذارات والوعيدات الهائلة إليهم سيما بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وأمرت أنت بتبليغها وَادْعُ إِلى توحيد رَبِّكَ بعد ما بعثك الى كافة البرايا وعامة الأمم بشيرا ونذيرا لكل من جبله الحق على صورة الإنسان وفطرة العرفان وكلفه بالمعرفة والايمان وَلا تَكُونَنَّ أنت بحال من الأحوال لا بالمداهنة ولا بالمسامحة معهم مِنَ الْمُشْرِكِينَ المشاركين إياهم في شركهم وكفرهم لا صورة ولا معنى ولا حقيقة ولا مجازا

وَبعد ما قد ظهرت أنت يا أكمل الرسل على فطرة التوحيد الذاتي وأكملت بتوفيق منا مراسم الدين المستبين وأقمت مكارم الأخلاق واليقين لا تَدْعُ في حال من الأحوال وفي شأن من الشئون مَعَ اللَّهِ الواحد الأحد الفرد الصمد الوتر الذي لم يلد ولم يولد ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له كفوا احد إِلهاً آخَرَ شريكا له لا في الوجود ولا في الألوهية والربوبية ولا مطلق التصرفات الواقعة في مملكته ومظاهره إذ لا إِلهَ في الوجود ولا موجود في الشهود إِلَّا هُوَ هذا هو نهاية ما قد نطق العارف عند التحقق به سبحانه وبعد ذلك يقلق ويدهش ويهيم ويفنى ويتلاشى إذ كُلُّ شَيْءٍ من جماد وحى يتراءى لك ويلوح في عالم العيان وعرصة الأكوان من اظلال أسمائه الحسنى وعكوس أوصافه الأسنى هالِكٌ في حد ذاته باق على عدمه الأصلي مستمر على استحالته الذاتية وامتناعه الحقيقي إِلَّا وَجْهَهُ الذي قد اقتبس به النور من تجليات الحق وشئونه حسب تطورات أسمائه وصفاته واستمد به العكس من شوارق بوارق لمعاته المتشعشعة وتجلياته المتجددة وكذا من رقائق لوائح لوامع بروق تطوراته التي بها تخطف ابصار ارباب الكشف والشهود من المنجذبين نحو الحق المتأملين في شأنه الوالهين بمطالعة جماله وجلاله وبالجملة بعد ما قد ثبت وتحقق هلاك الكل واستحالتها في حد ذاتها وظهورها وانعكاسها ابتداء انما هو من اظلال أوصافه وأسمائه الذاتية قد ثبت لَهُ الْحُكْمُ المطلق والتصرف التام المستقل والأمر الكامل المقارن بالإرادة والاختيار وبكمال الاقتدار والاستقلال في عموم ما كان وما يكون ازلا وابدا وَإِلَيْهِ انتهاء لا الى غيره إذ لا غير في الوجود معه تُرْجَعُونَ رجوع الأمواج الى الماء والاظلال الى الأضواء فسبحان من ظهر من الكل فأهلكها وبطن في الكل فاوجدها وسبق على الكل فابدأها ولحق بالكل فافناها وبقي مع الكل فابقاها وهو الاول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ألا الى الله تصير الأمور ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين

[خاتمة سورة القصص]

عليك ايها السالك المتوجه نحو الحق بوجه الحق الذي قد ظهر فيك وتقتبس أنت بوجهه من اشعة أنوار تجلياته الذاتية المتشعشعة حسب أسمائه الحسنى وصفاته العليا ان تتأمل في كيفية نشآت الكثرات الغير المحصورة ونشرها من الواحد الأحد الفرد الصمد من كل الوجوه وتتعمق أنت بمقتضى العقل المفاض لك من حضرة علمه سبحانه على سبيل التوديع لتتدبر وتدرك به معرفة مبدئك ومعادك حسب استعدادك الفطري وقابليتك الجبلية التي بها امتيازك عن سائر المظاهر والمصنوعات وبها تستحق الخلافة والنيابة عن الله وبواسطة تلك الوديعة البديعة المودعة فيك قد كلفك الحق الى ما كلفك

<<  <  ج: ص:  >  >>