للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعدلك من المراتب العلية والمقامات السنية عنده سبحانه ما أعدلك حسب صعودك وترقيك في معارفك وحقائقك بمقتضى التكاليف التي توصلك إليها ان أخلصت فيها فلك ان تتحمل على مشاق التكليفات ومتاعب الرياضات ما دمت أنت مقيدا في محال التكاليف ومنازل العروج الى ان جذبك الحق منك نحوه وافناك عن بشريتك وحصة ناسوتك التي بها بعدك عن الحق وابقاك ببقائه حسب حصة لاهوتك ومكنك بموعدك المعهود وبمقامك المحمود الموعود الذي هو مرتبة الكشف والشهود وحينئذ قد اتحد دونك قوسا الوجوب والإمكان وارتفعت الزبد والأمواج الحادثة من فضلات التعينات عن بحر العيان وقد فزت بما فزت من موائد اللطف والإحسان فظهر لك ولاح عندك حينئذ معنى قوله لا اله الا هو كل شيء هالك الا وجهه له الحكم واليه ترجعون

[سورة العنكبوت]

[فاتحة سورة العنكبوت]

لا يخفى على من تدرج في درجات الكمال وترقى من حضيض الجهل ومضيق الوهم والخيال الى سعة ذروة المعرفة والتوحيد وفضاء الوصال وتمكن بمقر الوحدة بلا تلوين وانتقال وانكشف له ما في استعداده من ودائع البدائع الإلهية المقتضية للظهور الباعثة للبروز من موطن الكمون والخفاء الى فضاء الجلاء والانجلاء ان الاختبارات والابتلاءات الإلهية الواقعة بين مظاهره ومصنوعاته انما هي لحصول الاعتدال الحقيقي والقسط المعنوي المنبئ عن مرتبة الخلافة والنيابة عن الله المستلزم للتخلق بأخلاقه العظيمة والتثبت على الصراط المستقيم لذلك قد جرت سنته السنية وعادته العلية على نقد اعمال جميع المكلفين بالإيمان والعرفان بالعرض على محك الإخلاص ليتميز المغشوش المكدر بأنواع الكدورات من الرياء والسمعة والعجب وانواع الاهوية الفاسدة والرعونات الكاسدة الناشئة من النفوس الخبيثة عن الصافي الخالص الخالي عن شوب اللوث بالأمور الطبيعية الطاهر المطهر عن الأدناس البشرية الحاصلة من تسويلات النفوس الامارة بالسوء وتلبيسات الشياطين المنبعثة عن القوى البهيمية المورثة لانواع الجهالات والضلالات لذلك خاطب سبحانه حبيبه صلّى الله عليه وسلّم بما خاطبه وبين في خطابه على ابلغ وجه وآكده ما عاتب به عباده من ترك الإخلاص والاغترار على مجرد الأقوال بلا مطابقة الاعتقاد متيمنا باسمه العلى الأعلى بِسْمِ اللَّهِ الذي كلف عباده بما كلف ليتأدبوا بآداب عبوديته حتى يستعدوا لفيضان آثار ربوبيته الرَّحْمنِ عليهم بافاضة ما يصلحهم عما هم عليه من المفاسد البشرية الرَّحِيمِ لهم يوصلهم بعد ما امتثلوا بما أمروا الى أقصى ما أعدلهم من الدرجات العلية والمقامات السنية

[الآيات]

الم ايها الإنسان الكامل الأكمل الأعلم اللائق لفيضان لوامع أنوار الوجود ولوائح آثار الفضل والجود المؤيد الملازم لاستكشاف مكنونات ما في مظاهر المكونات من معظمات آثار الألوهية ومكرمات أنوار الربوبية اللامعة اللائحة على نواصي عموم ما ظهر وبطن غيبا وشهادة على التعاقب والتوالي بلا انقطاع ولا انصرام ازلا وابدا وبلا ذهول وغفلة وفتور وفترة بحيث لا يعزب عن حيطة حضرة علمه المحيط ذرة من ذرائر ما ظهر ولاح دون اشراق شمس وجهه الكريم

أَحَسِبَ زعم وظن وتخيل النَّاسُ المنهمكون في الغفلة والنسيان أَنْ يُتْرَكُوا ويهملوا على ما هم عليه من عدم مطابقة قلوبهم بأفواههم وأعمالهم بنياتهم وأفعالهم بحالاتهم بمجرد أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا بلا موافقة من قلوبهم مع ان الايمان في الأصل ما هو الا الإذعان والقبول والإخلاص بالقلب والانقياد والتسليم بالجوارح والآلات من لوازمه ومتمماته وَهُمْ بمجرد ما يلقلق به

<<  <  ج: ص:  >  >>