للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ يعنى احسن واولى وأوفر من الجزاء الذي يستحقون بأعمالهم بعد ايمانهم وأزيد منه بل بأضعافه وآلافه تفضلا منا إياهم وإحسانا عليهم وبعد ما قد حثهم سبحانه على الايمان والعمل الصالح اوصى لهم وأمرهم ببر الوالدين وبحسن المعاشرة معهما والتحنن نحوهما إذ هما من اقرب اسباب ظهورهم في نشأة الشهادة والبروز بمقتضى سنة الله سبحانه فقال

وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بعد ما كلفناهم بالإيمان والعمل الصالح من ان يأتى كل منهم ويعمل بِوالِدَيْهِ حُسْناً اى معاملة ذات حسن يستحسنها العقل والشرع ويرتضيها الحق وتقتضيها الفتوة بحيث لا يحوم حولها شائبة من ولا أذى ولا استخفاف ولا استحقار بل يتذللون لهما ويتواضعون معهما على وجه الانكسار التام والتذلل المفرط وعليكم ايها المكلفون امتثال عموم أوامرهما ونواهيهما سوى الشرك بالله والطغيان على الله والعدوان معه سبحانه ومع أنبيائه ورسله وخلص عباده وَإِنْ جاهَداكَ ايها المؤمن المأمور على بر الوالدين ابواك وبالغا في حقك مقدمين أشد اقدام والحا عليك ابلغ إلحاح وأتم إبرام لِتُشْرِكَ بِي شيأ من مظاهري ومصنوعاتى سيما ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ يعنى ليس علمك ويقينك متعلقا بألوهيته وربوبيته واستحقاقه للعبادة ولياقته للرجوع اليه في الخطوب والمهمات فَلا تُطِعْهُما ولا تقبل منهما أمرهما المتعلق بالإضلال والإشراك ولا تمتثل بقولهما هذا بل اعرض عنهما وعن قولهما وأمرهما هذا ولا تمض على دينهما وملتهما إذ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ورجوعكم جميعا أصلا وفرعا مؤمنا وكافرا موحدا ومشركا وبعد رجوعكم الىّ فَأُنَبِّئُكُمْ وأخبركم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ في دار الاختبار أحاسب عليكم أعمالكم واجازيكم على مقتضاها ان خيرا فخير وان شرا فشر

وَالَّذِينَ آمَنُوا منكم في دار الاختبار مخلصين وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ تكميلا لإيمانهم وتتميما له بما هو من لوازمه ومتمماته لَنُدْخِلَنَّهُمْ حين رجوعهم إلينا فِي السعداء الصَّالِحِينَ المقبولين الآمنين المستبشرين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا منكم في النشأة الاولى وأصروا على الكفر والشرك والجحود والإنكار العياذ بالله ولم يرجعوا عنه سيما مع بعثة الرسل ونزول الكتب وورود الزواجر والروادع الكثيرة فيها لنعذبنهم البتة عذابا شديدا ولندخلنهم يوم يعرضون عليها في زمرة الأشقياء المردودين المغضوبين الذين لا نجاة لهم من النار ولا يرجى خلاصهم منها ابدا

وَمِنَ النَّاسِ المجبولين على التزلزل والتذبذب مَنْ يَقُولُ خوفا من عذاب الله آمَنَّا بِاللَّهِ بلا تمكن له واطمئنان في قلبه فَإِذا أُوذِيَ فِي سبيل اللَّهِ من اعداء قد انقلب على كفره وحيث جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ وإذا هم في شدة كَعَذابِ اللَّهِ القادر المقتدر بالقدرة الكاملة والقوة الشاملة على انواع المحن والابتلاءات وبالجملة هم يسوون بين خوف الله وخوف الناس فكما يؤمنون بالله من خوف عذابه يكفرون به من خوف عذاب الناس وتقريعهم وتشنيعهم بلا تفاوت بين الخوفين والعذابين بل يرجحون خوف الناس على خوف الله لذلك يختارون الكفر على الايمان من ضعف يقينهم وعدم رسوخهم وتمكنهم على الايمان وذلك من عدم ترقيهم من حضيض الجهل والتقليد الى ذروة المعرفة والتوحيد وَمن غاية تزلزلهم وتلونهم لَئِنْ جاءَ نَصْرٌ وعون للمؤمنين الباذلين مهجهم في سبيل الله مِنْ رَبِّكَ يا أكمل الرسل وصاروا غالبين على اعداء الله بنصر الله إياهم وفازوا بالفتح والغنائم وانواع الكرامات لَيَقُولُنَّ أولئك المذبذبون المتزلزلون مبالغين في دعوى الموافقة والمواخاة إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ ومن عدادكم موافقين ظاهرا وباطنا وفي دين الإسلام متمكنين مطمئنين سرا وجهرا

<<  <  ج: ص:  >  >>