للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتطوراته على مقتضى تجلياته المتجددة الغير المتكررة ازلا وابدا

اتْلُ يا أكمل الرسل ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ الجامع لما في النشأتين الحاوي لعموم الأمور الجارية في المنزلتين وتأمل في رموزه وإشاراته حق التأمل والتدبر واتصف بأوامره واجتنب عن نواهيه واعتبر من عبره وأمثاله وذق حلاوة معارفه وحقائقه بتوفيق الله وتيسيره وَأَقِمِ الصَّلاةَ وداوم على الميل المقرب نحو الحق بعموم جوارحك وأركانك بعد ان تنوي وتقصد في صلاتك هذه الانخلاع عن لوازم ناسوتك مطلقا محرما على نفسك عموم حظوظك من دنياك مقبلا على شأنك في أخراك متوجها الى قبلة الوحدة وكعبة الذات الاحدية وعرفات الأسماء والصفات وبالجملة مستأنسا بالله متشوقا الى لقاء الله مستوحشا عن غير الله مطلقا إِنَّ الصَّلاةَ على الوجه المذكور تَنْهى وتكف صاحبها عَنِ الْفَحْشاءِ المترتبة على القوى البهيمية من الشهوية والغضبية وَالْمُنْكَرِ المترتب على مطلق القوى البشرية المنغمسة بالعلائق المادية والشواغل الجسمية والجسمانية وَبالجملة لَذِكْرُ اللَّهِ المنزه في ذاته عن عموم الأكوان المبرى أوصافه وأسماؤه عن وصمة النقصان وسمة الحدوث والإمكان والاشتغال بذكره سبحانه حسب إطلاقه أَكْبَرُ شمولا وأتم توجها وقبولا وأكمل حصولا ووصولا سيما لو جذبتك العناية من لدن جنابه ووافقك التوفيق من عنده نحو بابه وَكن يا أكمل الرسل في نفسك متوجها الى ربك متقربا اليه على الوجه الذي أمرت به ولا تلتفت الى هذيانات اهل البدع والأهواء الفاسدة إذ اللَّهِ المطلع بجميع حالاتهم يَعْلَمُ منهم بعلمه المحيط الحضوري عموم ما تَصْنَعُونَ من الاستخفاف والاستهزاء وعدم المبالات بمعالم الدين والاستحقار بمراسم التوحيد واليقين فسيجازيهم سبحانه حسب علمه بهم

وَبعد ما سمعتم ايها المؤمنون خطاب ربكم مع نبيكم لا تُجادِلُوا ولا تخاصموا أَهْلَ الْكِتابِ اى مع الأحبار الذين واظبوا على محافظة كتاب الله المنزل إليهم واستنبطوا منه الاحكام وامتثلوا بأوامره واجتنبوا عن نواهيه إِلَّا بِالَّتِي اى بالطريقة التي هِيَ أَحْسَنُ الطرق وابعد عن المكابرة واقرب الى الصواب هينين لينين معهم بلا قلق واضطراب وفضول من الكلام ما داموا منصفين معتدلين بلا ميل منهم وانحراف الى المكابرة والاغتساف إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ جهلا وعنادا وخرجوا عن منهج الصدق والصواب بغيا وعدوانا وَقُولُوا لهم بمقتضى ما أمرتم به في كتابكم آمَنَّا وصدقنا بِالَّذِي اى بالكتاب الذي أُنْزِلَ إِلَيْنا من عند ربنا بطريق الوحى لنبينا وَآمنا ايضا بالكتاب الذي أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ منه سبحانه ايضا وحيا على نبيكم وَكيف لا نؤمن بكتابكم ونبيكم إذ إِلهُنا الذي قد انزل علينا كتابا وَإِلهُكُمْ الذي انزل عليكم كتابا ايضا واحِدٌ لا تعدد فيه ولا شريك له يشاركه ولا مثل له يماثله ولا كفؤ له يشابهه وَبالجملة نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ مؤمنون منقادون مطيعون وبجميع ما حكم به سبحانه في كتبه وعلى ألسنة رسله مصدقون ممتثلون سوى ما قد نسخ في كتابنا حكمه

وَكيف لا يقول لهم المؤمنون هكذا ولا يؤمنون بالكتب المنزلة من عندنا إذ كَذلِكَ وعلى وفق ذلك وطبقه قد أَنْزَلْنا إِلَيْكَ يا أكمل الرسل الْكِتابَ الجامع لما في الكتب السالفة لتكون أنت ومن تبعك من المؤمنين مصدقين بعموم الكتب والرسل بلا تفاوت وتفرقة بينهم فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ قبل كتابك يُؤْمِنُونَ بِهِ اى بكتابك ويصدقون بك ايضا كذلك على الوجه الذي وعدناهم في كتبهم من انا سنرسل رسولا من لدنا ومعه كتاب جامع مصدق

<<  <  ج: ص:  >  >>