للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذا المطلب العزيز الشأن حتى يستعدوا لفيضان زلال الوحدة بطريق الكشف والشهود فخلصوا عن التردد في هاوية الجهالات واودية الأوهام والخيالات وما يعوقهم ويمنعهم عن الوصول الى هذا المطلب العلى والمقصد السنى الا المزخرفات الدنية الدنياوية الملهية للنفوس البشرية عن اللذات الروحانية مع انها ما هي في أنفسها الا اوهام وخيالات باطلة عاطلة فكيف ما يترب عليها من اللذات الوهمية والشهوات البهيمية كما قال سبحانه مشيرا الى فناء زخرفة الدنيا وعدم قرارها وثباتها وبقاء النشأة الاخرى وما يترتب عليها من اللذات الروحانية والدرجات العلية النورانية المتفاوتة علما وعينا وحقا على تفاوت طبقات ارباب الكشف والشهود ومقتضيات استعداداتهم الثابتة في لوح القضاء وحضرة العلم الإلهي

وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا التي لا قرار لها ولا مدار حقيقة بل لا اصل لها أصلا سوى سراب قد انعكس من شمس الذات وامواج قد حدثت في بحر الجود إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ يعنى كما ان السراب يلهى ويخدع العطشان بالتردد والتبختر نحوه على اعتقاده انه ماء فيتعب نفسه ويزيد عطشه بل يهلكه كذلك الحياة الدنياوية ومزخرفاتها الفانية ولذاتها الزائلة الذاهبة الامكانية تتعب صاحبها طول عمره ولا ترويه ثم تميته بأنواع حسرة وضجرة وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ وما يترتب عليها من المكاشفات والمشاهدات اللدنية وانواع الفتوحات والكرامات الفائضة لأرباب التوحيد لَهِيَ الْحَيَوانُ اى هي مقصورة على الحياة الازلية الابدية التي لا يطرأ عليها زوال ولا يعقبها فناء ولا يعرض للذاتها القارة انصرام وانقضاء لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ويوقنون بها وبما فيها من الكرامات لم يؤثروا الدنيا الدنية وحياتها الفانية المستعارة عليها ولم يختاروا اللذات الوهمية البهيمية على لذاتها الازلية الابدية وبجهلهم وضلالهم قد اختاروا الفاني على الباقي والزائل على القار والشراب المهلك على الفرات المحيي. والعجب منهم ومن أحوالهم كل العجب انهم مع شركهم وإصرارهم على الكفر وعدم تأثرهم بالزواجر والدواعي الواردة من قبل الحق وظهور المعجزات المزعجة الى الايمان

فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ متضرعين نحوه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حينئذ كائنين كالمؤمنين المطيعين الخالصين في اطاعتهم وانقيادهم لله بلا شوب الشرك وشين الكفر فَلَمَّا نَجَّاهُمْ من كمال فضلنا وجودنا إياهم إِلَى الْبَرِّ وأخلصناهم من المهلكة آمنين إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ يعنى هم قد فاجؤا على الفور بعيد ما خلصوا عن التهلكة الى الشرك والطغيان وانواع العصيان والكفران قل لهم يا أكمل الرسل نيابة عنا آمرا لهم على سبيل التهديد

لِيَكْفُرُوا أولئك الكافرون بِما آتَيْناهُمْ من النعم العظام سيما نعمة الإنجاء عن مضيق البحر وَلِيَتَمَتَّعُوا أولئك المتمتعون بما عندهم من الحطام الدنياوية وبما هم عليه من الإصرار على الكفر والضلال فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ما يترتب على كفرانهم وتمتعهم وشركهم وضلالهم

أَينكرون نعمنا وانعامنا إياهم أولئك الكافرون المبطلون وَلَمْ يَرَوْا ولم يعلموا سيما اهل مكة أَنَّا من مقام فضلنا وجودنا إياهم قد جَعَلْنا بلدهم يعنى مكة حَرَماً ذا حرمة عظيمة يأوى إليها الناس من جميع اقطار الأرض من كل مرمى سحيق وفج عميق آمِناً ذا أمن اهله من النهب والسبي وانواع الأذى وَيُتَخَطَّفُ اى يختلس ويؤخذ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ نهبا وسبيا وهم آمنون فيها مصونون عن المؤذيات كلها ومع ذلك يكفرون نعمنا ويشركون بنا غيرنا أَما يستحيون من الله أولئك المبطلون اما يخافون من بطشه أولئك المفسدون المسرفون فَبِالْباطِلِ العاطل الزاهق الزائل يعنى الأصنام والأوثان يُؤْمِنُونَ يطيعون ويعبدون مع انهم لا يقدرون

<<  <  ج: ص:  >  >>