للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَساؤُا

مع الله ورسله والمؤمنين السُّواى والعذاب المخلد والنكال المؤبد المترتب على إساءتهم في النشأة الاخرى جزاء ما كانوا عليه في الاولى كل ذلك بسبب أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وأنكروا عليها واستخفوا بها وبمن أنزلت اليه وَكانُوا من غاية عتوهم واستكبارهم بِها يَسْتَهْزِؤُنَ ويستسخرون وينسبون إليها ما لا يليق بشأنها افتراء ومراء وكيف يستهزؤن أولئك المسرفون المفرطون مع الله ورسلهم وآياته النازلة من عنده إذ

اللَّهُ المستقل بالتصرف في ملكه وملكوته يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ويبدع المخلوقات أولا من كتم العدم بلا سبق مادة ومدة ويظهرها في فضاء الوجود على الوجه المشهود ثم يميته ويعدمه ثُمَّ يُعِيدُهُ حيا كذلك في النشأة الآخرة بعد انقراض النشأة الاولى للعرض والجزاء ثُمَّ بعد العرض وتنقيد الأعمال إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ رجوع الأمواج الى البحر والاظلال الى الأضواء

وَاذكر لهم يا أكمل الرسل يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ المعدة للعرض والجزاء يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ويسكتون حيارى سكارى تائهين هائمين مأيوسين عن الخلاص

وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حينئذ مِنْ شُرَكائِهِمْ ومعبوداتهم شُفَعاءُ يجتهدون لخلاصهم وإنقاذهم من عذاب الله بمقتضى ما هو زعمهم إياهم بل وَهم حينئذ قد كانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ ينكرونهم ويكفرون بهم حيث يئسوا عنهم وقنطوا عن شفاعتهم

وَاذكر يا أكمل الرسل يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ التي يحشر فيها الأموات ويعرضون على الله بما اقترفوا في دار الابتلاء من الحسنات والسيئات يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ ويتحزبون حزبا حزبا فرقا فرقا فوجا فوجا كل مع شاكلته في الايمان والكفر والضلال والفساد

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بالله وكتبه ورسله في دار الاختبار وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ المؤيدة المؤكدة لإيمانهم فيها فَهُمْ حينئذ من كمال فرحهم وسرورهم متمكنون فِي رَوْضَةٍ ذات ازهار وأنوار وانهار يُحْبَرُونَ يتنزهون ويسرون مسرورين متنعمين

وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وأنكروا بتوحيدنا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا المنزلة من لدنا على رسلنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ اى أنكروا بلقائنا في النشأة الاخرى مع انا قد وعدناهم على ألسنة رسلنا إياهم فَأُولئِكَ الأشقياء المردودون عن ساحة عز الحضور فِي الْعَذابِ المؤبد المخلد مُحْضَرُونَ لا نجاة لهم منه أعاذنا الله من ذلك. ثم أشار سبحانه الى اسباب النجاة والخلاص عن الوعيدات الاخروية والى نيل لذاتها ومتنزهاتها الروحانية فقال

فَسُبْحانَ اللَّهِ اى سبحوا الله الواحد الأحد الصمد المنزه المقدس عن شوائب النقص وسمات الكثرة والحدوث مطلقا ايها الأحرار المتوجهون نحوه في السرائر والإعلان سيما حِينَ تُمْسُونَ وتدخلون في المساء الذي هو أول وقت الفراغ عن الشواغل الجسمانية وفتح باب الخلوة مع الله والعزلة عن اسباب الكثرة مطلقا وَكذا حِينَ تُصْبِحُونَ وتدخلون في الصباح الذي هو نهاية مرتبة خلوتكم مع ربكم فاغتنموا الفرصة فيه وتعرضوا للنسمات المهبة بأنواع النفحات من قبل الرحمن ويمن عالم اللاهوت وبعد ما تزودتم بأنواع الفتوحات الروحانية في تلك الساعة الشريفة التي هي البرزخ بين اللذائذ الروحانية والجسمانية فاشتغلوا بالاشغال الجسمانية المتعلقة لتدبير المعاش النفساني

وَلكم ايها المتوجهون نحو الحق ان تحمدوه وتشكروا نعمه وتداوموا على أداء حقوق كرمه في خلال أيامكم ولياليكم مطلقا سيما طرفي النهار إذ لَهُ الْحَمْدُ والثناء الصادر عن ألسنة عموم ما فِي السَّماواتِ وَما في الْأَرْضِ من المظاهر التي قد لمع عليها برق الوجود وانبسطت على صفحاتها اظلال شمس الذات واضواؤها وَلا سيما عَشِيًّا إذ هو وقت مصون عن الكثرة غالبا وَكذا حِينَ تُظْهِرُونَ وتدخلون وقت

<<  <  ج: ص:  >  >>