للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظهر ايضا إذ فيها يحصل الفراغ من امور المعاش غالبا وكيف لا تتوجهون نحو الحق ولا تديمون الميل اليه في اوقات حياتكم إذ هو سبحانه بمقتضى لطفه وجماله

يُخْرِجُ ويظهر لكمال قدرته الْحَيَّ اى ذا الحس والحركة الارادية الذي هو انواع الحيوانات مِنَ الْمَيِّتِ الذي هو النطفة الجامدة وَكذا يُخْرِجُ ويظهر بمقتضى قهره وجلاله الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ يعنى يعقب الموت بالحياة والحياة بالموت وَمن كمال قدرته يُحْيِ الْأَرْضَ بأنواع النضارة والبهاء بَعْدَ مَوْتِها اى يبسها وجمودها وَكَذلِكَ اى مثل اعادة الحياة والنضارة للأرض وقت الربيع تُخْرَجُونَ أنتم من قبوركم ايها المنكرون للبعث والحشر واعادة المعدوم

وَمِنْ آياتِهِ الدالة على كمال قدرته على الإعادة والإبداء على السواء أَنْ اى انه قد خَلَقَكُمْ وقدر جسمكم وصوركم أولا مِنْ تُرابٍ يابس ثم بدلكم أطوارا وادوارا لتكميلكم وتشريفكم امدادا وادوارا الى ان صوركم في احسن صورة وعدلكم في أقوم تعديل ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ اى بعد ما قد كمل صورتكم وتم تمثالكم وشكلكم واستوى بشريتكم ففاجأتم تَنْتَشِرُونَ في الأرض على سبيل التناسل والتوالد وبالجملة من قدر على ابدائكم على الوجه المذكور وابداعكم قدر على حشركم واعادتكم بل هي أسهل من الإبداء

وَايضا مِنْ آياتِهِ الدالة على كمال قدرته أَنْ خَلَقَ وقدر لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ اى من جنسكم وبنى نوعكم أَزْواجاً نساء حتى توانسوا بهن وتستأنسوا معهن بل انما قدر لكم أزواجا لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وتتوطنوا معها وتتألفوا بها توطنا خاصا وتألفا تاما بحيث يفضى الى التوالد والتناسل وَلهذه الحكمة البديعة قد جَعَلَ بَيْنَكُمْ وبينهن مَوَدَّةً ومحبة خاصة خالصة منبعثة عن محض الحكمة الإلهية بحيث لا تكتنه لميتها وكيفيتها أصلا وَمن كمال قدرته ومتانة حكمته جعل من امتزاج النطف النازلة منكم ومنهن الناشئة من المودة المذكورة والمحبة المقررة بينكم رَحْمَةً ولدا مثلكم محييا لكم اسمكم ورسمكم إِنَّ فِي ذلِكَ الخلق والإيجاد والتكميل والتمكين والتقدير والانبعاث والانزعاج وانواع التدبيرات الواقعة فيها والحكم العجيبة المحيرة لعقول ارباب الفطنة والذكاء لَآياتٍ عظاما ودلائل جساما لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ويتأملون في آثار صنائع الحكيم القدير العليم الخبير

وَايضا مِنْ آياتِهِ العجيبة الشأن والبديعة البرهان خَلْقُ السَّماواتِ وإيجاد العلويات متطابقة متوافقة مع ما فيها من الكواكب المتفاوتة في الإضاءة والإشراق على أبدع نظام وابلغ التيام وانتظام بحيث لا يكتنه عند ذوى العقول واولى الافهام المجبولين على الاستعلام والاستفهام بل لا حظ لهم منها سوى الحيرة والعبرة وانواع الوله والهيمان وَخلق الْأَرْضِ ممهدة منبسطة مشتملة على جبال راسيات وبحار واسعات وانهار جاريات وأشجار مثمرات ومعادن وحيوانات واصناف من نوع الإنسان المجبول على صورة الرحمن الجامع لانواع التبيان والبيان واصناف الدلائل والبرهان ليصير مرأة مجلوة يتراءى فيها صور الأسماء والصفات الإلهية وتنعكس عنها شئونه وتطوراته وَايضا من آياته العظيمة اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وتكلمكم ولغاتكم ايها المجبولون على فطرة النيابة والخلافة الإلهية وَكذا اختلاف أَلْوانِكُمْ من السواد والبياض وانواع التخليطات والتشكيلات والهيآت الصورية والمعنوية التي قد اشتملت عليها هياكلكم وهوياتكم كل ذلك انما هو من آثار الأوصاف والأسماء الذاتية الإلهية التي قد امتدت وانبسطت على ماهيتكم وتعيناتكم اظلالها وآثارها وبالجملة إِنَّ فِي ذلِكَ الانطباق والالتصاق وانواع الائتلاف والانتظام الواقعة في الأنفس على اغرب الوجوه

<<  <  ج: ص:  >  >>