للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبدع الطرق لَآياتٍ دلائل واضحات وشواهد لائحات على كمال قدرة العليم الحكيم لِلْعالِمِينَ لكل من يتأتى منه التفطن والتدبر للمبدأ والمعاد من ارباب الهداية والرشد والتأمل والتفكر على سبيل النظر والاستدلال من الصنائع والآثار الى الصانع المؤثر المختار

وَمِنْ آياتِهِ العظام ايضا مَنامُكُمْ واستراحتكم تقويما لا مزجتكم وتقوية لقواكم بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وقت عروض الفتور والعناء وَابْتِغاؤُكُمْ وطلبكم المعاش فيهما مِنْ فَضْلِهِ وسعة رحمته وجوده او على طريق اللف والنشر بان قدر لمنامكم زمان الليل وابتغائكم النهار إِنَّ فِي ذلِكَ التقدير والتدبير المبنى على كمال العطف واللطف لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ دلائل توحيده سبحانه سمع قبول ورضاء ويتأملون في حكمة الحكيم المدبر لمصالح عباده وما هو الأصلح لهم

وَمِنْ جملة آياتِهِ ايضا انه سبحانه يُرِيكُمُ الْبَرْقَ المنبئ عن هجوم البلاء ونزول المطر ايضا انما أراكم سبحانه هكذا خَوْفاً من خشية الله وحلول غضبه وعذابه وَطَمَعاً لنزول فضله ورحمته وانما فعل سبحانه معكم كذلك لتكونوا دائما وفي كل حين من الأحيان وحال من الأحوال خائفين من سخطه وبطشه راجين من فضله وجوده وَيُنَزِّلُ مِنَ جانب السَّماءِ ماءً بعد ما أراكم البرق المخيف المطمع فَيُحْيِي بِهِ اى بالماء النازل الْأَرْضَ اليابسة بَعْدَ مَوْتِها جمودها ويبسها إِنَّ فِي ذلِكَ الاراءة والإخافة والأطماع والإنزال والأحياء لَآياتٍ ودلائل قاطعة دالة على حكمة القادر المختار المستقل بالتصرف والآثار لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ويستعملون عقولهم في التفكر والتدبر في المصنوعات العجيبة والمخترعات البديعة الصادرة من الفاعل المطلق بالإرادة والاختيار

وَمِنْ آياتِهِ المحكمة ايضا أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ يعنى من جملة آياته الظاهرة الباهرة قيام السماء والأرض بلا عمد وأوتاد وأسانيد وقرارهما ومدارهما في مكان معين بلا تبدل وتحول وانما هو بِأَمْرِهِ وحكمه وعلى مقتضى ارادته ومشيته بحيث لا يسع لهما الخروج عن امره وحكمه أصلا ثُمَّ بعد ما تأملتم نفاذ حكمه سبحانه ومضى قضائه في معظم المخلوقات فلكم ان تتيقنوا إِذا دَعاكُمْ وقت ارادة اعادتكم واحيائكم دَعْوَةً متضمنة لاخراجكم مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ يعنى بعد ما أسمعكم سبحانه بكمال قدرته مضمون دعوته إليكم قد فاجأتم أنتم الى الخروج منها احياء بلا تراخ ومهلة تتميما لسرعة نفوذ قضائه

وَكيف لا تسمعون ولا تخرجون منها احياء بعد ما تعلق ارادته سبحانه باخراجكم واعادتكم إذ لَهُ سبحانه ملكا وتصرفا ابداعا وإنشاء عموم مَنْ فِي السَّماواتِ من الملائكة المغمورين في آلاء الله ونعمائه المستغرقين بمطالعة وجهه الكريم وَكذا عموم من في الْأَرْضِ من ارباب المحبة والولاء الوالهين التائهين في بيداء الألوهية الفانين الحائرين في فضاء الربوبية الهائمين في صحراء الوجود لذلك كُلٌّ ممن أشرقت عليه شمس الذات ولاح عنده نور الوجود ولمع دونه بروق التجليات الحبية اللطفية لَهُ قانِتُونَ منقادون مطيعون طوعا وطبعا

وَكيف لا ينقادون ولا يطيعون لحكمه أولئك المسخرون المقهورون تحت صولجان قضائه وقدره مثل الكرات مع انه هُوَ القادر المقتدر الَّذِي يَبْدَؤُا ويظهر الْخَلْقَ من كتم العدم في فضاء الوجود بمقتضى اللطف والجود ثم يعدمه ويميته بمقتضى قهره وجلاله ايضا فيه في النشأة الاولى ثُمَّ يُعِيدُهُ ايضا على ما ينشئه في النشأة الاخرى إظهارا لكمال قدرته ومقتضى حكمته كي يظهر مصالح الإبداء والإبراز في النشأة الاولى ويلوح فوائد ما يترتب عليها في النشأة الاخرى يوم العرض والجزاء وَاهل

<<  <  ج: ص:  >  >>