للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكتب والصحف تتميما لمكارم أخلاقهم ومحاسن أطوارهم وشيمهم ليستعدوا لقبول دلائل التوحيد ونزول سلطان الوحدة على قلوبهم الرَّحِيمِ لهم يوصلهم الى مبدئهم الأصلي ومنشئهم الحقيقي بعد رفع تعيناتهم ونفى هوياتهم الباطلة

[الآيات]

الم ايها الإنسان الأكمل الأليق لفيضان لوامع لطائف أنوار الوجود الإلهي ولوائح آثار جوده المكرم المؤيد من عنده بمزيد اللطف والكرم الممتاز المتخلص من بين عموم مظاهره بالمرتبة الجامعة المستجمعة لجميع المراتب العلية

تِلْكَ الآيات المتلوة عليك يا أكمل الرسل امتنانا لك واختصاصا بشأنك آياتُ الْكِتابِ اى نبذ من آيات الكتاب الْحَكِيمِ المشتمل على الحكمة المتقنة المنبعثة عن اجتماع القدرة الكاملة والارادة الخالصة المترتبتين على العلم الكامل الإلهي الذي لا يغيب عن حضرة حضوره ذرة من ذرائر ما لاحت عليه شمس الوجود ولجمعيته وشموله وصدق نزوله من عند الله قد اتصف بوصفه سبحانه تأكيدا ومبالغة ولكونه نازلا من عنده سبحانه بمقتضى الحكمة البالغة لتأييد أكمل الرسل المبعوث الى كافة الأمم قد صار

هُدىً عاما ورشدا تاما كله للممتثلين بما فيه من الأوامر والنواهي والاحكام والقصص والتذكيرات والعبر والرموز والإشارات وَرَحْمَةً خاصة نازلة من عنده سبحانه لِلْمُحْسِنِينَ الذين لا يرون غير الله في الوجود ولا يعبدون سواه من الوسائل ولا ينسبون الحوادث الكائنة في الآفاق الى الأسباب العادية والمحسنون المرضيون عند الله الراضون بما جرى عليهم من نفوذ القضاء هم

الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويواظبون عليها في جميع أوقاتهم وحالاتهم سيما الأوقات المحفوظة المكتوبة وَيُؤْتُونَ وينفقون جميع ما في أيديهم من الرزق الذي يسوق الحق إليهم في سبيله طلبا لمرضاته سيما الزَّكاةَ المفروضة عليهم من عنده سبحانه تزكية لظواهرهم عن التفات الى ما يشغلهم عن الحق وَمع ذلك لا يقتصرون أولئك السعداء المقبولون بتهذيب الظاهر والباطن بل هُمْ بِالْآخِرَةِ المعدة لتنقيد الأعمال وجزاء الأفعال هُمْ يُوقِنُونَ علما وعينا وحقا وبالجملة

أُولئِكَ السعداء المتصفون بالخصائل السنية والأخلاق المرضية عَلى هُدىً صريح صحيح فائض نازل إياهم مِنْ رَبِّهِمْ تفضلا عليهم وامتنانا لهم وَأُولئِكَ الأمناء المقبولون المرضيون عند الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ المقصورون على الفوز والفلاح لا خوف عليهم ولا هم يحزنون جعلنا الله من خدامهم وتراب اقدامهم

وَمِنَ النَّاسِ المجبولين على كفران نعم الله ونسيان حقوق كرمه وجوده مَنْ يَشْتَرِي ويستبدل آيات الكتاب المشتمل على انواع الفضائل والكمالات واصناف الهدى والكرامات لَهْوَ الْحَدِيثِ اى يستبدل الآيات الإلهية ويختار بدلها من الأراجيف الكاذبة ما يلهى النفوس ويشغلها عما يعنيها ويقربها الى ما لا يعنيها بل يضرها ويرديها وما ارتكب ذلك الضال المضل بما ارتكب من الاشتراء والاستبدال الفاسد الا لِيُضِلَّ ويصرف عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ من يميل اليه ويتوجه نحوه ليتدين بدين الله وينقاد لنبيه على مقتضى الفطرة الاصلية مع انه قد صدر عنه هذا الصرف والمنع رغبة ورضاء من تلقاء نفسه بِغَيْرِ عِلْمٍ يتعلق به نقلا او عقلا بل عن جهل مرتكز في جبلته وحميته مركوزة في خبث طينته وخسة طبيعته وَبسبب ذلك الجهل الجبلي يَتَّخِذَها اى الآيات الموصلة الى طريق الحق وتوحيده هُزُواً اى محل استهزاء وسخرية لجهله وغفلته عن السرائر المودعة فيها والحكم المكتومة في مطاويها والأسرار المكنونة في فحاويها أُولئِكَ البعداء المجبولون على الغواية والضلالة أصلا وفرعا تابعا ومتبوعا لَهُمْ في النشأة الاخرى عَذابٌ مُهِينٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>