للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الباطل وأرشدهم الى طريق الحق مِنْ قَبْلِكَ يا أكمل الرسل بل هم كانوا على فترة من الرسل فارسلك الحق إليهم لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ بهدايتك وارشادك الى توحيد الحق واتصافه بأوصاف الكمال وكيف لا يوحدونه سبحانه ولا يؤمنون بوحدة ذاته وكمالات أسمائه وصفاته مع انه

اللَّهُ الواحد الأحد الفرد الصمد الَّذِي خَلَقَ وأوجد بقدرته الكاملة السَّماواتِ اى العلويات وَالْأَرْضَ اى السفليات وَما بَيْنَهُما اى الممتزجات فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وساعات وآنات منبسطة في عموم الأقطار والجهات الست ثُمَّ بعد ما قدتم التمهيد والبسط اسْتَوى واستولى وتمكن سبحانه عَلَى الْعَرْشِ اى قد انبسط وامتد اظلاله على عروش عموم ما ظهر وبطن من الأنفس والآفاق بالاستقلال التام والتصرف العام مع صرافة وحدته الذاتية بلا شوب شركة وطرق كثرة لذلك ما لَكُمْ ايها الاظلال المنعكسة من شمس ذاته مِنْ دُونِهِ سبحانه مِنْ وَلِيٍّ يتولى أموركم ويتصرف فيكم وَلا شَفِيعٍ ينصركم ويعاون عليكم سواه سبحانه أَتشكون وتترددون في وحدته وولايته سبحانه ايها المنهمكون في بحر الغفلة والضلال فَلا تَتَذَكَّرُونَ ولا تتعظون بمواعظه وتذكيراته مع انه قد كررها مرارا وكيف لا هو الذي

يُدَبِّرُ الْأَمْرَ اى عالم الأمر المنبئ عن الإيجاد والإظهار بانزال الملائكة الذين هم مظاهر أوصافه وأسمائه مِنَ السَّماءِ اى سماء الأسماء المتعالية عن الأقطار والجهات مطلقا إِلَى الْأَرْضِ اى عالم الطبيعة والهيولى القابلة لقبول آثارها وانما أنزلهم واهبطهم سبحانه ليعد ويستعد حسب حكمته خلاصة المظاهر والمصنوعات لقبول فيضان سلطان توحيده ثُمَّ بعد ما تم على الوجه الابدع والنظام الأتم الأبلغ يَعْرُجُ ويصعد إِلَيْهِ سبحانه عموم ما يترتب على عالم الأمر من المعارف والحقائق والأسرار الكلية في سريان الوحدة الذاتية بعد انقراض النشأة الاولى فِي يَوْمٍ معد لعروجه وصعوده كانَ مِقْدارُهُ اى مقدار ذلك اليوم في الطول والامتداد أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ في هذه النشأة من الأيام والأعوام وانما دبر سبحانه ما دبر من المعارف والحقائق المترتبة على الإيجاد والإظهار وقدر للعروج والصعود ما قدر لحكم ومصالح قد استأثر بها سبحانه في غيبه ولم يطلع أحدا عليها إذ

ذلِكَ الذات البعيد ساحة عز حضوره عن ان يحوم حوله ادراك احد من مظاهره ومصنوعاته عالِمُ الْغَيْبِ الذي لم يتعلق به علم احد سواه وَالشَّهادَةِ المنعكسة منه حسب تجلياته الجمالية والجلالية الْعَزِيزُ الغالب القادر على جميع ما دخل في حيطة حضرة علمه المحيط بان يتصرف فيه كيف يشاء ارادة واختيارا الرَّحِيمُ

الَّذِي وسعت رحمته كل ما لاحت عليه بروق تجلياته لذلك قد أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وقدر وجوده بعد ما دخل في حيطة حضرة علمه وقدرته وارادته وَبَدَأَ من بينه خَلْقَ الْإِنْسانِ يعنى آدم وقدر وجوده أولا مِنْ طِينٍ إذ هو اصل في عالم الطبيعة قابل لفيضان آثار الفاعل المختار مستعد لها استعدادا اصليا وقابلية ذاتية

ثُمَّ بعد ما تعلق ارادته سبحانه بابقاء نوعه جَعَلَ نَسْلَهُ اى قدر بصنعه وجود ذرياته المتناسلة المتكثرة المتخلفة المستخلفة منه على سبيل التعاقب والترادف والتوالي مِنْ سُلالَةٍ وفضلة منفصلة منه كائنة حاصلة مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ممتهن مسترذل مستقذر لخروجه عن مجرى الفضلة

ثُمَّ بعد ما قدر خلقه أولا من الطين وثانيا من الماء المهين قد سَوَّاهُ سبحانه إظهارا لقدرته وعدّ له وقوّم أركانه على احسن التقويم وَبعد تسويته وتعديله قد نَفَخَ فِيهِ سبحانه مِنْ رُوحِهِ ووجوده وحياته المضافة الى ذاته المستجمع

<<  <  ج: ص:  >  >>