للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَهْدُونَ الناس بِأَمْرِنا ووحينا إياهم والهامنا إليهم الى ديننا وتوحيدنا وانما أعطيناهم ما أعطيناهم من الكرامات لَمَّا صَبَرُوا وحين وطّنوا أنفسهم على تحمل ما لحقهم في إعلاء كلمة الحق وافشاء اعلام الدين ومعالم التوحيد واليقين وانتشارها في الأقطار من المتاعب والمكروهات المؤدية الى إتلاف النفس وبذل المهج وانواع المصيبة وَهم قد كانُوا في أنفسهم بِآياتِنا النازلة إياهم الدالة على كمال قدرتنا الواردة في إيجاد اىّ شيء أردناه يُوقِنُونَ يذعنون لا يترددون فيها ولا يتذبذبون وأنت يا أكمل الرسل اولى وأحق منهم بإيقان آياتنا واذعانها

إِنَّ رَبَّكَ الذي رباك بأنواع الكرامات وايدك بأصناف الخوارق والمعجزات هُوَ بذاته وحسب حكمته المتقنة وأحكامه المبرمة يَفْصِلُ ويقضى بَيْنَهُمْ اى بين المحقين والمبطلين ويميز كلا منهم عن صاحبه يَوْمَ الْقِيامَةِ المعد للقطع والفصل وتنفيذ الاحكام واجراء الحكومات فيومئذ يظهر لهم الحق فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ من الأمور الدينية والمعارف اليقينية

أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ اى اهل مكة الى سبيل الرشد ولم يوقظهم عن هجعة الغفلة ورقاد العناد كَمْ أَهْلَكْنا اى كثر إهلاكنا واستيصالنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ اهل الْقُرُونِ الماضية الهالكة المغرورين أمثالهم بالكبر والخيلاء بما عندهم من المال والجاه والثروة مع ان هؤلاء المعاندين يَمْشُونَ ويمرون فِي مَساكِنِهِمْ الخربة ودورهم المندرسة الكربة وقت ترحالهم نحو متاجرهم وما يعتبرون منها إِنَّ فِي ذلِكَ المرور والعبور وفي رؤية تلك المنازل والاطلال المغمورة والبلاد المقهورة لَآياتٍ دلائل واضحات وشواهد لائحات على كمال قدرتنا واختيارنا وشدة انتقامنا وقهرنا أَفَلا يَسْمَعُونَ مقتضيات الآيات ولا يتدبرون حق التدبر والتفكر حتى يتخلصوا عن اودية الضلالات واغوار الجهالات ويتصفوا بأنواع الهدايات والكرامات

أَوَلَمْ يَرَوْا ولم يبصروا أولئك المعاندون المنكرون على كمال قدرتنا ووفور حكمتنا واختيارنا أَنَّا من مقام لطفنا وجودنا كيف نَسُوقُ الْماءَ بالتدابير العجيبة والحكم البديعة في تصعيد الابخرة والادخنة وتراكم السحب منها وتقاطر المطر من فتوقها وخلالها إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ التي قد انقطع نباتها من غاية يبسها وجمودها فَنُخْرِجُ بِهِ اى بالماء الذي سقنا إليها منها زَرْعاً وأنواعا من الأوراق والحبوب تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ أوراقه وتبنه وَأَنْفُسُهُمْ حبوبه وثمرته أَفَلا يُبْصِرُونَ أولئك المصرون المنكرون هذه القدرة العجيبة فيستدلوا بها على قدرتنا الكاملة وحكمتنا البديعة البليغة البالغة

وَبعد ما سمعوا منك يا أكمل الرسل ان ربك يفصل بينهم فيما كانوا فيه يختلفون يَقُولُونَ مستهزئين معك متهكمين مَتى هذَا الْفَتْحُ والفصل الذي قد وعدتم به أخبرونا وقته إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في دعواكم نتهيأ له ونتزود لأجله ونؤمن به كما آمنتم

قُلْ يا أكمل الرسل في جوابهم يَوْمَ الْفَتْحِ هو يوم القيامة المعدة لتنقيد الأعمال والحساب فيومئذ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا في النشأة الاولى مدة اعمارهم إِيمانُهُمْ فيها وَلا هُمْ يومئذ يُنْظَرُونَ ولا يمهلون حتى يتداركوا ما فوّتوا على أنفسهم طول عمرهم من الايمان بالله والامتثال بأوامره والاجتناب عن نواهيه وتصديق الرسل والكتب وجميع معالم الدين وشعائر الإسلام وبعد ما قد تمادوا في الغفلة والضلال وبالغوا في العتو والعناد

فَأَعْرِضْ يا أكمل الرسل عَنْهُمْ ولا تلتفت الى هذياناتهم واصرف عنان عزمك عن هدايتهم وإرشادهم بعد ما تاهوا في تيه الغي والضلال وأصروا عليه وَانْتَظِرْ النصر والظفر والغلبة عليهم إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ ايضا ليغلبوا عليك ويظفروا. وقل ربنا افرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين

<<  <  ج: ص:  >  >>