للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْكِتابِ الذي يتلى عليكم وفيما قبله ايضا من الكتب المنزلة على الأمم الماضية مَسْطُوراً مثبتا فللموصى له ان يأخذها على مقتضى ما ثبت في حكم الله وكتابه

وَكيف لم يحسنوا الأدب أولئك المؤمنون الماضون السابقون مع أنبيائهم وهؤلاء اللاحقون معك مع انا ما بعثنا الأنبياء والرسل الى أممهم الا لإرشادهم وهدايتهم الى توحيدنا وإيصالهم الى زلال تفريدنا على ذلك قد أخذنا العهود والمواثيق المؤكدة من عموم الأنبياء والرسل تأكيدا وإلزاما اذكر يا أكرم الرسل لمن تبعك من المؤمنين ليحافظوا على ما أمروا وقت إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ المبعوثين الى الأمم الماضية مِيثاقَهُمْ وعهودهم الوثيقة المؤكدة وَلا سيما مِنْكَ يا أكمل الرسل وَمِنْ نُوحٍ المنجى وَإِبْراهِيمَ الخليل وَمُوسى الكليم وَعِيسَى الصفي الخالص عن كدر الناسوت من قبل الأب لأنه ابْنِ مَرْيَمَ لم يمسها ذكر من بنى نوعها بل انما ولدته بلا أب إرهاصا لها ومعجزة لابنها خص سبحانه هؤلاء الكرام بالذكر اهتماما بشأنهم صلوات الله عليهم وسلامه وَأَخَذْنا مِنْهُمْ كرره تأكيدا ومبالغة اى من كل واحد منهم وممن لم نذكر أساميهم من ذوى العزائم الخالصة مِيثاقاً غَلِيظاً وعهدا وثيقا محكما مؤكدا على ان لا تتهاونوا ولا تتكاسلوا في ارشاد العباد وابعادهم عن الجور والفساد وإيصالهم الى ما أعددنا لهم من المراتب العلية والدرجات السنية وقد أنزلنا عليهم الكتب والصحف المشتملة على الأوامر والاحكام المقربة لتوحيدنا والعبر والنواهي المبعدة عن الكفر والضلال وامرناهم ايضا بتبيين الأوامر والنواهي الى أممهم وتنبيها عليهم ليتفطنوا على فطرتهم التي هم جبلوا عليها في عالم الغيب وليتميز عندهم الحق الحقيق بالاتباع عن الباطل الزاهق الزائل كل ذلك

لِيَسْئَلَ سبحانه في النشأة الاخرى عن الأنبياء ورسله صلوات الله عليهم من احوال العباد الصَّادِقِينَ الممتثلين بأوامر الله المجتنبين عن نواهيه عَنْ صِدْقِهِمْ وإخلاصهم في أعمالهم ونياتهم فيها وعن أحوالهم ومواجيدهم واعتقاداتهم وتلقيهم لقبول الحق والمحافظة عليه ليشهد الأنبياء لهم فيفوزوا الى ما قد أعد لهم وهيّئ لأجلهم من المراتب والمقامات وانواع السعادات والكرامات مع ان علمه سبحانه بحالهم يغنى عن شهاداتهم وليسأل ايضا سبحانه عن عناد العباد المصرين على الجور والفساد المجترئين على الله بالخروج عن حدوده ومقتضيات أحكامه ليشهدوا صلوات الله عليهم فيساقوا صاغرين مهانين الى ما قد أعد الله لهم من الدركات الهوية الجهنمية وَاعلموا ان الله سبحانه قد أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ الجاحدين لأوامر الله ونواهيه المنزلة في كتبه على رسله عَذاباً أَلِيماً لا عذاب أشد ايلاما منه. ثم نادى سبحانه المؤمنين الموحدين المواظبين على الطاعات بامتثال الأوامر واجتناب المنهيات كي تصلوا الى ما قد أعد لهم ربهم من المثوبات والمكرمات فقال

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم تعداد نعم الله عليكم وإحصاء فواضله المتوالية المتتالية المتسعة اذْكُرُوا في عموم أوقاتكم وأحوالكم نِعْمَةَ اللَّهِ الفائضة عَلَيْكُمْ على تعاقب الأزمان وتلاحق الآنات والأحيان سيما نعمة انجائكم من أعدائكم ونصركم عليهم مع كونكم آيسين مأيوسين منه اذكروا يا اهل يثرب وقت إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ متعددة واحزاب متعاقبة متلاصقة قاصدين لمقتكم واستئصالكم وهم قريش وغطفان ويهود بنى قريظة وبنى النضير وكانوا زهاء اثنى عشر الفا وأنتم قليلون فخفرتم الخندق على المدينة ثم خرجتم تجاه الأعداء وأنتم ثلاثة آلاف والخندق بينكم وبينهم فقعدتم متقابلين وقد مضى عليها قريب شهر لا حرب بينكم الا

<<  <  ج: ص:  >  >>