للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

او دفع الضر لا لرضاء الله وإعلاء دينه ونصرة نبيه. ثم قال سبحانه تحريكا لحمية المؤمنين

لَقَدْ كانَ لَكُمْ ايها المؤمنون المخلصون الطالبون المتخلقون بأخلاق الله تعالى الهاربون عن اخلاق عدوه فِي رَسُولِ اللَّهِ المبعوث لإرشادكم وهدايتكم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وخصلة حميدة بديعة يجب لكم التأسى والاتصاف بها لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ اى لقاءه ومطالعة وجهه الكريم وَيرجو ايضا الْيَوْمَ الْآخِرَ الموعود فيه هذه الكرامة العظيمة وَبواسطة هذا الرجاء وغلبة هذه الامنية العظيمة في خاطره قد ذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً في عموم الأحيان والاحياز لتلذذه بذكره سبحانه حتى ينال ما وعد من الفوز بشرف اللقاء والبقاء ومن كان شأنه كذلك وهمه هكذا فهو مؤتس الى الرسول صلّى الله تعالى عليه وسلّم في تلك الخصلة المحمودة والديدنة المسعودة المقبولة عند الله التي هي الرضا بجميع ما جرى عليه من القضاء ومن علاماتها الثبات على العزيمة وتحمل الشدائد ومقاساة الأحزان وارتكاب المتاعب والمشاق في إعلاء دين الله وافشاء كلمة توحيده والتوكل نحوه في السراء والضراء وكظم الغيظ عند هجوم الغضب والعناء والعفو عند القدرة عن الأعداء وغير ذلك من الخصلة الحميدة والأخلاق الجميلة المرضية

وَمن شدة تأثير هذه الخصائل الجميلة في قلوب المؤمنين لَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ المخلصون الْأَحْزابَ حواليهم قالُوا متذكرين لوعد الله متثبتين على دينه متشمرين لإعلاء كلمة توحيده هذا الوقت وقت انجاز ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ من النصر والغلبة على الأعداء والفوز بأنواع الغنائم والعطاء آجلا وعاجلا بقوله سبحانه أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم الآية. وقوله عليه السلام سيشتد الأمر باجتماع الأحزاب عليكم والعاقبة لكم عليهم وقوله صلّى الله عليه وسلّم انهم سائرون إليكم بعد تسع او عشر وَقد صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ في جميع ما جاءنا من قبل الله وقبل رسوله من الوعد والوعيد وانواع النعم والعطاء والمحن والبلاء وَمن كمال تثبتهم وتفويضهم على الله وتوكلهم نحوه ما زادَهُمْ إلمام الخطوب وحدوث الوقائع وحلول المحن والبليات إِلَّا إِيماناً بالله وبكمال قدرته وعلمه وارادته وسائر صفاته الذاتية والفعلية وَتَسْلِيماً لعموم ما جرى عليهم من صولجان قضائه بلا تلعثم وتذبذب في ايمانهم واعتقادهم ومن غاية خلوصهم في ايمانهم وتسليمهم

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ المشمرين لإعلاء دين الله ونصرة رسوله على العزيمة الكاملة الصادقة رِجالٌ ابطال كاملون في الإخلاص والشجاعة والوفاء قد صَدَقُوا في جميع ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ وانجزوا جميع مواثيقهم ووفوا عموم عهودهم التي قد عهدوا مع الله ورسوله من الثبات على العزيمة والتصبر في المعركة وعدم التزلزل من المحل الذي قد عين لهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم في صف القتال وبالجملة لم يجبنوا ولم يضعفوا أصلا فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ ووفى نذره بان قاتل مع اعداء الله بمقتضى ما قد عهد ونذر حتى استشهد ووصل الى مرامه ومبتغاه كحمزة ومصعب بن عمير وانس بن النضر رضوان الله عليهم أجمعين وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ الشهادة كعثمان وطلحة فقاتلوا مع الأعداء وقتلوهم ونجوا منهم سالمين منتظرين الى قتال آخر ليستشهدوا فيه وَمن كمال تمكنهم وتثبتهم في يقينهم وإخلاصهم في ايمانهم ما بَدَّلُوا وما غيروا من النذور والعهود المنذورة المعهودة التي قد أتوا بها عازمين عليها جازمين ولا اضمروا ايضا في أنفسهم كالمنافقين تَبْدِيلًا وتغييرا قليلا نذرا يسيرا من التبديل والنقض فكيف بالعظيم الكثير بل قد زادوا عليها وأكدوها كل ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>