للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه صلّى الله عليه وسلّم العار سيما في أمثال هذه الأفعال الكائنة في قضاء الله المقضية في حضرة علمه المحيط

ما كانَ اى ما لحق وما عرض عَلَى النَّبِيِّ المؤيد من عند الله بأنواع التأييدات المنتظر على الوحى والإلهام في ما عنده سبحانه في عموم أحواله واعماله مِنْ حَرَجٍ ضيق واثم وسآمة ووخامة عاقبة فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ صلّى الله عليه وسلّم وما قدر لأجله وما كتب واثبت في لوح قضائه وحضرة علمه المحيط من مطلق الحوادث الكائنة الجارية عليه على تعاقب الأزمان والأوقات أصلا ومن جملتها هذا النكاح وبالجملة ليس أمثال هذا ببدع من الله مخصوص بهذا النبي بل سُنَّةَ اللَّهِ الحكيم العليم المتقن في أفعاله المستمرة القديمة التي قد سنها سبحانه فِي الَّذِينَ خَلَوْا ومضوا مِنْ قَبْلُ من الأنبياء والرسل بان لا حرج ولا جريمة لهم أصلا فيما صدر عنهم من أمثاله وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ المثبت في لوح قضائه وحكمه المبرم المحكوم به في حضرة علمه المحيط قَدَراً مَقْدُوراً حتما مقضيا مبرما محكوما به البتة وكيف لا يقضى ولا يحكم بالسنن المقدرة للأنبياء والرسل وهم

الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ المحمولة عليهم من قبل الله بوحي الله والهامه الى من أرسلوا إليهم من الأمم بلا تبديل ولا تغيير وَيَخْشَوْنَهُ وهم يخافون عنه سبحانه في عموم أحوالهم وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ يعنى من ديدنة الأنبياء العظام والرسل الكرام ومن خصلتهم الحميدة ان لا يخافوا من الناس ولا يستحيوا منهم لا من لوم لائم ولا من تعييره وتهديده بالقتل والضرب وغير ذلك بل ما يخافون ولا يخشون الا الله المنتقم الغيور المقتدر على انواع العذاب والعقاب وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً ظهيرا ومعينا لهم يكفى مؤنة أعدائهم ويدفع عنهم شرورهم ويكف عنهم جميع ما قصدوا عليهم من المقت والمكر وانواع الأذى والضرر. ثم لما عير الناس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بانه قد تزوج زوجة ابنه ودعيّه وهو زيد رد الله عليهم تعييرهم هذا وتشنيعهم هكذا فقال

ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ ايها الأجانب من المؤمنين على الحقيقة سواء كان زيدا او غيره حتى تسرى حكم الحرمة في تزوج زوجته بعد ما قضى الوطر عنها وَلكِنْ كان صلّى الله عليه وسلم رَسُولَ اللَّهِ الهادي لعباده قد أرسله سبحانه إليكم ليهديكم الى طريق الرشد بمقتضى سنته المستمرة في الأمم السالفة وَلكن من شأنه انه قد صار صلّى الله عليه وسلم خاتَمَ النَّبِيِّينَ وختم المرسلين إذ ببعثته صلّى الله عليه وسلّم قد كملت دائرة النبوة وتمت جريدة الرسالة والفتوة كما قال صلّى الله عليه وسلّم بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وقال تعالى في شأنه صلّى الله عليه وسلّم اليوم أكملت لكم دينكم يعنى ببعثته صلّى الله عليه وسلّم والسرفيه والله اعلم انه صلّى الله عليه وسلّم قد بعث على محض التوحيد الذاتي وسائر الأنبياء انما بعثوا على التوحيد الوصفي او الفعلى وبعد ما بعث صلّى الله عليه وسلّم على توحيد الذات فقد ختم به امر البعثة والرسالة وكمل قصر الدين القويم إذ ليس وراء توحيد الذات مرمى ومنتهى لذلك قد صار صلّى الله عليه وسلّم خاتم النبيين وختم المرسلين وَكانَ اللَّهُ المطلع على جميع ما ظهر وما بطن بِكُلِّ شَيْءٍ وامر قد جرى في ملكه وملكوته وسيجرى عَلِيماً يعلم بعلمه المحيط الحضوري عموم ما قد لمع عليه نور وجوده حسب لطفه وجوده حكيما في بعثة الرسل لتنبيه من وفقه وجبله في سابق قضائه على فطرة التوحيد والايمان مختارا في ختم البعثة وتكميل الدين بعد ما قد وصل غاية كماله وظهوره

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بالله وعرفوه حق معرفته وتوحيده وعرفوا ايضا كمالات أسمائه وصفاته مقتضى ايمانكم وعرفانكم المداومة على ذكره سبحانه اذْكُرُوا اللَّهَ الواحد الأحد الفرد

<<  <  ج: ص:  >  >>