للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَذاهُمْ

واتركهم ومنازعتهم ولا تلتفت ايضا الى الانتقام عنهم واصبر على بغضهم فان صبرك يقتلهم عن الغيظ ويطفئ لهب غضبهم وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ المراقب لك في عموم احوالك لدفع شرورهم وثق اليه سبحانه وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا حسيبا كافيا يكفى عنك مؤنة أعدائك ويكف أذاهم عناية لك واهتماما بشأنك. ثم لما أشار سبحانه الى ما قد أباح على نبيه صلّى الله عليه وسلّم بلا حرج أراد ان يشير الى ما أباح سبحانه على عموم المؤمنين بلا حرج لهم فيه وضيق فقال سبحانه مناديا لهم على وجه العموم

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بالله وصدقوا بعموم أوامره ونواهيه المنزلة من عنده مقتضى ايمانكم إِذا نَكَحْتُمُ وعقدتم الْمُؤْمِناتِ اللاتي هن أكفاء أحقاء بنكاحكم من المسلمات والكتابيات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وتجامعوا معهن فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ يعنى وما لزمكم وما وجب عليكم فيما يتلى عليكم من شعائر الشرع وأحكامه مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها وتحصونها كما للمدخول بهن والمتوفى عنهن من المدة المقدرة في الشرع لاستبراء الرحم محافظة على امتزاج المائين واختلاط النسبين وبعد ما لم تلزم عليهن العدة ايها المطلقون لهن فَمَتِّعُوهُنَّ وأعطوهن المتعة المستحسنة عقلا وشرعا ان لم تكن صدقاتهن مقدرة معينة وان كانت مقدرة فاعطوهن نصف ما قدر من المهر بلا تنقيص ومماطلة وَبعد ما أعطيتموهن المتعة او النصف من المهر المقدر سَرِّحُوهُنَّ واخرجوهن من منازلكم سَراحاً جَمِيلًا إخراجا هينا لينا بلا ضرر واضطرار وتنقيص مما استحققن عليه. ثم أشار سبحانه الى تعداد ما قد أحل وأباح لحبيبه صلّى الله عليه وسلّم من الأزواج فقال مناديا له تبجيلا وتعظيما

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ المفضل المكرم من لدنا على سائر الأنبياء والرسل بالعنايات العلية والكرامات السنية إِنَّا من مقام عظيم جودنا معك قد أَحْلَلْنا وأبحنا لَكَ في شرعك ودينك أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ وأعطيت أُجُورَهُنَّ مهورهن معجلا وَقد أبحنا لك ايضا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ من الإماء المردودة إليك مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ المنعم المفضل عَلَيْكَ ورده سبحانه من خيار المسبيات وصيفات المغنم إليك وصيفة رضى الله عنها منهن وَقد أحللنا لك في دينك وشرعك بَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ من مكة حبالك وطلبا لمرضاتك ومرضاة ربك وما أبحنا لك من لم تهاجر معك منهن من المشركات الباقيات على الكفر والشرك وَقد أبحنا لك ايضا خاصة من دون المؤمنين امْرَأَةً مُؤْمِنَةً قيدها لان الكافرة لا تليق بفراشه صلّى الله عليه وسلم إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ تبرعا بلا جعل ومهر فعليه صلّى الله عليه وسلّم بعد الهبة الخيار إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها اى يطلب ان يدخل عليها ويقبلها للفراش احللناها خالِصَةً خاصة لَكَ يا أكمل الرسل تكريما لك وتعظيما لشأنك مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ يعنى لم نجها لغيرك من أمتك بل هي من جملة الأمور التي قد اختصصت أنت بها كالتزوج فوق الاربعة وغيرها وانما نخص أمثال هذا لك يا أكمل الرسل ولم نعممها لأمتك لأنا من وفور حكمتنا قَدْ عَلِمْنا بحضرة علمنا المحيط الحضوري من ظواهر احوال المؤمنين وبواطنهم استعدادهم وقابليتهم على ما فَرَضْنا وقدرنا عَلَيْهِمْ حتما فِي حقوق أَزْواجِهِمْ من المهر والولي والشهود وعموم متممات النكاح ومكملاته وَعلمنا ايضا منهم سبب ما قدرنا عليهم في حق ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ من المسبيات الزائدة ان لا يدخلوا عليهن الا ان يتملكوا بالقسمة او بوجه آخر لكن قد أنزلنا عليك يا أكمل الرسل بعض ما أبحنا عليهم وما خصصناك به دونهم

<<  <  ج: ص:  >  >>