للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَانْتَشِرُوا

واخرجوا على الفور وتفرّقوا وَلا تتمكنوا بعد الطعام عنده صلّى الله عليه وسلم مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ يتحدث بعضكم مع بعض او تسمعونه منه صلّى الله عليه وسلّم او من اهل بيته او بمهم آخر من مهماتكم إِنَّ ذلِكُمْ اى لبثكم عنده صلّى الله عليه وسلّم على وجه من الوجوه المذكورة قد كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي صلّى الله عليه وسلم مِنْكُمْ ان يخرجكم حسب حميته البشرية لأنه صلّى الله عليه وسلّم احيى الناس حليم صبور على اذاكم ولا يخرجكم عنوة وَاللَّهُ المصلح لأحوال عباده المنبه عليهم عموم مصالحهم لا يَسْتَحْيِي مِنَ اظهار كلمة الْحَقِّ التي يجب إيصالها الى المؤمنين المسترشدين لتترسخ في قلوبهم ويتمرنوا عليها ويتصفوا بها وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ يعنى من أزواجه صلّى الله عليه وسلم مَتاعاً وحوائج فَسْئَلُوهُنَّ متسترين مِنْ وَراءِ حِجابٍ بحيث لا يقع نظركم إليهن أصلا ذلِكُمْ اى التستر والتحجب من ازواج النبي أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ من امارات الإثم ومخايل المعصية وسوء الأدب وَقُلُوبِهِنَّ ايضا ترغيما للشياطين وتطهيرا لنفوسكم من غوائلها وتلبيساتها وَبالجملة اعلموا ايها المؤمنون ما كانَ وما صح وما جاز لَكُمْ في حال من الأحوال أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ بشيء يكرهه صلّى الله عليه وسلم ويستنزه عنه مطلقا وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ المدخول عليها مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً سواء كن حرائر أم إماء إِنَّ ذلِكُمْ اى ايذاءه صلّى الله عليه وسلّم ونكاح نسائه بعده قد كانَ عِنْدَ اللَّهِ المنتقم الغيور المقتدر على انواع الانتقام ذنبا عَظِيماً مستجلبا لأليم العذاب وعظيم العقاب واعلموا ايها المؤمنون

إِنْ تُبْدُوا وتظهروا شَيْئاً حقيرا مما يتعلق بايذائه صلّى الله عليه وسلّم من أزواجه في حياته او بعد وفاته أَوْ تُخْفُوهُ في انفسكم غير مجاهرين به فَإِنَّ اللَّهَ المطلع في مكنونات صدوركم قد كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ ظهر على ألسنتكم او خطر ببالكم عَلِيماً لا يعزب عن علمه المحيط شيء من الدقائق والرقائق ثم لما نزلت آية التستر والحجاب قيل يا رسول الله الآباء والأبناء والأقارب والعشائر ايضا تكلموا معهن من وراء حجاب نزلت

لا جُناحَ ولا اثم ولا ضيق عَلَيْهِنَّ اى على أزواجه صلّى الله عليه وسلم فِي اختلاط آبائِهِنَّ والتكلم معهم بلا سترة وحجاب وَلا أَبْنائِهِنَّ ايضا وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ إذ الكل بعيد عن وصمة التهمة مصون من مطلق الريبة وَلا نِسائِهِنَّ يعنى النساء المؤمنات لا الكتابيات وَلا جناح ايضا في ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ من العبيد والإماء وقيل من الإماء خاصة دون العبيد كما مرّ في سورة النور وَبالجملة يا نساء النبي المحفوظ المصون في ذاته عن ادناس الطبيعة وإكدار الهيولى مطلقا اتَّقِينَ اللَّهَ المنتقم الغيور واحذرن أنتن ايضا عن عموم محارمه ومنهياته مطلقا وامتثلن بأوامره ومندوباته حتى تشابهن وتشاركن معه صلّى الله عليه وسلّم في أخص أوصافه إِنَّ اللَّهَ المطلع على ضمائر كن قد كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ خلج في خواطركن من الإثم واللمم شَهِيداً حاضرا عنده سبحانه غير مغيب عنه بحيث لا يخفى عليه سبحانه خافية وان رقت ودقت. ثم أشار سبحانه الى تعظيم النبي عليه السلام وتوقيره والاعتناء بشأنه وعلو منزلته ومكانه فقال

إِنَّ اللَّهَ المتعزز برداء العظمة والكبرياء وَمَلائِكَتَهُ المهيمين عنده الوالهين بمطالعة جماله المستغرقين بشرف لقائه يُصَلُّونَ يعتنون ويهتمون بأنواع الرحمة والكرامة واصناف الاستغفار إظهارا لفضله صلّى الله عليه وسلّم وتبجيلا وتعظيما عَلَى النَّبِيِّ الحقيق لانواع التوقير والتمجيد المستحق لأصناف الكرامة والتحميد يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>