للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالله بوسيلة نبيه صلّى الله عليه وسلّم وتحققوا بتوحيده سبحانه بإرشاده صلّى الله عليه وسلم أنتم اولى وأحق بتعظيمه وتوقيره وتصليته وتسليمه صَلُّوا عَلَيْهِ مهما سمعتم اسمه صلّى الله عليه وسلم او ذكرتم أنتم في انفسكم وقولوا اللهم صل على محمد وَسَلِّمُوا له تَسْلِيماً قائلين السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته. والآية تدل على وجوب الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم لعموم المؤمنين كلما جرى ذكره في أى حال من الأحوال وأى حين من الأحيان اللائقة للدعاء. ثم لما أشار سبحانه الى علو شأن نبيه صلّى الله عليه وسلّم وسمو برهانه وأوجب على المؤمنين تعظيمه وتوقيره والانقياد له في عموم أوامره ونواهيه أراد ان يشير سبحانه الى ان من قصد أذاه صلّى الله عليه وسلّم وأساء الأدب معه فقد استحق اللعن والطرد فقال

إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حيث يأتون بالافعال الذميمة القبيحة المستكرهة عقلا وشرعا عنده صلّى الله عليه وسلّم فيؤذونه صلّى الله عليه وسلّم بهذه ذكر سبحانه نفسه هاهنا تعظيما لشأن حبيبه صلّى الله عليه وسلّم إذ ايذاؤه صلّى الله عليه وسلّم مستلزم لإيذائه سبحانه والا فهو في ذاته منزه عن التأذى والتأثر مطلقا قد لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ المنتقم عنهم وطردهم عن سعة رحمته وجنته وَأَعَدَّ لَهُمْ في النار عَذاباً مُهِيناً مؤلما مزعجا لا عذاب أسوأ منه وأشد ثم اردف سبحانه ايذاءه صلّى الله عليه وسلّم بإيذاء المؤمنين فقال

وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بذمائم الأفعال والأقوال وقبائح الأطوار والحركات سيما بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا يعنى بغير جريمة صدرت عنهم واستحقوا الجناية عليها بل افتراء ومراء فَقَدِ احْتَمَلُوا وتحتملوا هؤلاء المؤذين المفترين بُهْتاناً جالبا لانواع العقوبات وَإِثْماً مُبِيناً ظاهرا عظيما مستعقبا مستتبعا لأسوء الجزاء وأشد العقاب والنكال إذ رمى المحصنات من افحش الجنايات وأقبح القبائح والخيانات. ثم أشار سبحانه الى آداب النساء وصيانتهن عن الرجال واستحيائهن منهم ليسلمن من افتراء المفترين ورمى الرامين فقال مناديا لحبيبه صلّى الله عليه وسلّم ليبلغ الى أمته وأزواجه صلّى الله عليه وسلّم وأزواجهم ايضا

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ المؤيد من لدنا المبعوث الى ارشاد البرايا ذكورهم وإناثهم قُلْ لِأَزْواجِكَ أولا على سبيل الشفقة والنصيحة وَبَناتِكَ ايضا وَسائر نِساءِ الْمُؤْمِنِينَ إذا ظهرن وبرزن لحوائجهن أحيانا يُدْنِينَ ويغطين عَلَيْهِنَّ اى على أيديهن وأرجلهن وعلى جميع معاطفهن مِنْ فواضل جَلَابِيبِهِنَّ وملاحفهن بحيث لا يبدو من مفاصلهن واعضائهن شيء سوى العينين بل عين واحدة ليتميزن بها عن الإماء والفتيات المريبات المطمعات لأهل الفجور والفسوق وبالجملة ذلِكَ التستر والتغطى على الوجه الأتم الأبلغ أَدْنى واقرب أَنْ يُعْرَفْنَ ويميزن أولئك الحرائر العفائف من الإماء وعن مطلق المريبات المطمعات وبعد ما عرفن فَلا يُؤْذَيْنَ ولا يفترين ببهتان وَكانَ اللَّهُ المطلع لعموم ما اختلج في جوانحهن وخواطرهن غَفُوراً لهن بعد ما تبن الى الله وانبن رَحِيماً يقبل توبتهن ويرحم عليهن ان اخلصن فيها. ثم قال سبحانه مقسما مبالغا والله

لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ ولم ينزجر الْمُنافِقُونَ المفترون الرامون الباهتون عن إيذاء المؤمنات الحرائر المصونات المحفوظات والسرايا العفائف سيما بعد ما تحفظن وتسترن على الوجه المذكور وَلم يكف عنهن المتعرضون الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وضعف ايمان واعتقاد وميل الى الفسوق والفجور وَلا سيما الْمُرْجِفُونَ المجاهرون المترددون فِي الْمَدِينَةِ بأنواع النميمة والأراجيف والاخبار الكاذبة والمفتريات الباطلة الغليظة ويذيعونها

<<  <  ج: ص:  >  >>