للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العقل المنشعب من حضرة علمه المحيط إليهم ليدركوا به احوال مبدئهم ومعادهم

[الآيات]

الْحَمْدُ المحيط المستوعب لجميع المحامد والاثنية الناشئة من ألسنة عموم ما لمع عليه برق الوجود ثابت حاصل لِلَّهِ المستجمع لجميع الأوصاف والأسماء المربية المظهرة لعموم الأشياء الكائنة غيبا وشهادة المالك الَّذِي قد ثبت لَهُ ملكا وتصرفا إظهارا واعداما إبداء واعادة جميع ما فِي السَّماواتِ اى علويات عالم الأسماء والصفات والأعيان الثابتة في الأزل وَكذا جميع ما فِي الْأَرْضِ اى سفليات عالم الطبعة المنعكسة من العلويات وَكذا ما بينهما من الكوائن والفواسد الممتزجة التي قد برزت بنور الوجود على مقتضى الجود الإلهي من مكمن العدم الى فضاء الظهور بعد ما قد ثبت ان الكل منه بدأ في الابتداء وماليه يعود في الانتهاء ثبت لَهُ الْحَمْدُ والثناء الصادر من ألسنة عموم المظاهر المتوجهة نحو المظهر الموجد طوعا لا لغيره من الوسائل والأسباب العادية إذ منتهى الكل اليه فِي الْآخِرَةِ كما ان مبدأه منه في الاولى فله الحمد في الاولى والاخرى وَكيف لا هُوَ الْحَكِيمُ المتقن في أفعاله بالاستقلال بلا شريك وظهير الْخَبِيرُ عن كيفية إيجاد المظاهر وإعدامها أولا وآخرا ازلا وابدا إذ هو سبحانه بمقتضى حضرة علمه المحيط الحضوري

يَعْلَمُ ما يَلِجُ ويدخل فِي الْأَرْضِ اى ظلمة الطبيعة القابلة لفيضان مطلق الاستعدادات الفائضة من المبدأ الفياض وَما يَخْرُجُ مِنْها من المعارف والحقائق الكاملة المختفية فيها بمقتضى تربية مربيها ومظهرها وَكذا يعلم بعلمه الحضوري ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ اى عالم الأسماء الى ارض المظاهر والمسميات من الفيوضات والفتوحات الشاملة المشتملة على انواع الكمالات وَكذا يعلم ما يَعْرُجُ فِيها ويرتقى متصاعدا من المكاشفات والمشاهدات الحاصلة من تلك الفتوحات الهابطة منها على قلوب كمل المظاهر وخلص العباد وَبالجملة هُوَ الرَّحِيمُ لعباده بافاضة انواع الكرامات حسب رحمته الواسعة الْغَفُورُ الستار لذنوب انانياتهم وتعيناتهم الباطلة العاطلة بعد ما رجعوا اليه وتوجهوا نحوه سبحانه تائبين آئبين مخلصين. رزقنا الله الوصول الى محل القبول

وَبعد ما قد اخبر سبحانه بقيام الساعة في كتبه وبألسنه رسله سيما في كتابك يا أكمل الرسل وعلى لسانك قالَ الجاحدون المنكرون الَّذِينَ كَفَرُوا بالحق وستروه بالباطل الزاهق الزائل وكذبوا الرسل وعاندوا معهم سيما معك يا أكمل الرسل مستهزئين متهكمين لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ الموعودة على لسانك ايها المدعى مع انك قد ادعيت الصدق في جميع اخبارك وأقوالك فكيف لا تأتى الساعة التي ادعيت إتيانها واختبرت بها وبوقوعها لعلك قد كذبت وافتريت الى ربك قُلْ لهم يا أكمل الرسل بعد ما استهزؤا معك ونسبوك الى الكذب والافتراء وأنكروا بإتيان الساعة وقيامها بَلى تأتى الساعة الموعودة علىّ وعلى عموم الرسل والأنبياء بلا شك وريب في إتيانها وقيامها وَبحق رَبِّي القادر المقتدر على انجاز جميع ما وعد به بلا خلف لَتَأْتِيَنَّكُمْ الساعة الموعودة من عنده إذ وعده سبحانه مقضي حتما جزما بلا شائبة شك وطريان غفلة وذهول عليه وسهو إياه وكيف يطرأ عليه سبحانه سهو وذهول مع انه هو بذاته عالِمِ الْغَيْبِ بالعلم المحيط الحضوري بعموم المغيبات حاضرة عنده غير مغيبة عنه إذ لا يَعْزُبُ ولا يغيب عَنْهُ سبحانه وعن حيطة حضرة علمه المحيط مِثْقالُ ذَرَّةٍ ومقدار خردلة لا من الكوائن فِي السَّماواتِ اى العلويات وَلا من الكوائن فِي الْأَرْضِ اى السفليات ولا من المكونات الحادثة بينهما وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ المقدار

<<  <  ج: ص:  >  >>