للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكتنه عنده كل معلوم ولا يشتبه عليه شيء من المحسوس والمفهوم

قُلْ لهم يا أكمل الرسل بعد ما قد أشبعت الكلام الدال على اسكاتهم وإلزامهم أَرُونِيَ وأخبروني ايها المشركون المفرطون الآلهة الباطلة الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ سبحانه وادعيتموهم أنتم من تلقاء انفسكم شُرَكاءَ معه سبحانه مستحقين للعبادة مثله ظلما وعدوانا وأخبروني عن أخص اوصافهم التي بها يستحقون الألوهية والعبودية لا تأمل ايضا في شأنهم وأتدبر في حقهم حتى ظهر عندي ولاح لدى ايضا استحقاقهم للشركة في الألوهية والربوبية. ثم رد عليهم سبحانه ردعا لهم وزجرا عليهم عماهم عليه وإرشادا لهم الى ما هو الحق الحقيق بالاتباع فقال كَلَّا اى ارتدعوا ارتداعا بليغا ايها المشركون المسرفون المفرطون عن دعوى الشركة مع الله الواحد الأحد الصمد الفرد الوتر الذي ليس له شريك ولا نظير ولا وزير ولا ظهير مطلقا بَلْ هُوَ اللَّهُ الواحد الأحد المستقل بالالوهية والربوبية بل في الوجود والتحقق الْعَزِيزُ الغالب القادر القاهر على من دونه من الاظلال والأشباح الهالكة المستهلكة في شمس ذاته المتشعشعة المتجلية حسب شئون أسمائه وصفاته الْحَكِيمُ المتقن في أفعاله المترتبة على علمه المحيط وارادته الكاملة وقدرته الشاملة يفعل ما يشاء ارادة واختيارا ويحكم ما يريد استقلالا وانفرادا ليس لاحد ان يتصرف في ملكه وملكوته او يدعى الشركة معه او المظاهرة والمعاونة. تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا

وَبعد ما قد ثبت ان لا معبود في الوجود سوانا ولا مستحق للعبادة غيرنا فاعلم يا أكمل الرسل انا ما أَرْسَلْناكَ بعد ما قد انتخبناك من بين البرايا واصطفيناك لأمر الرسالة إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ يعنى الا رسالة عامة تامة شاملة لقاطبة الأنام لتكفهم أنت عن جميع الآثام وتمنعهم عن مقتضيات نفوسهم ومشتهيات قلوبهم مما يعوقهم عن سبيل السلامة وطرق الاستقامة وبعد ما قد أرسلناك إليهم هكذا قد صيرناك عليهم بَشِيراً تبشرهم بدرجات الجنان والفوز بلقاء الرحمن وَنَذِيراً تنذرهم وتبعدهم عن دركات النيران ولحوق انواع العذاب والخذلان فيها وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ المجبولين على الكفران والنسيان لا يَعْلَمُونَ حكمة الإرسال والإرشاد والهداية الى سبيل الصواب والسداد ولذلك عاندوا معك يا أكمل الرسل وكذبوك وأنكروا بكتابك وبجميع ما جئت به من عندنا عنادا ومكابرة

وَمن شدة انكارهم وعنادهم يَقُولُونَ لك يا أكمل الرسل منكرين ومتهكمين بعد ما قد وعدتهم بقيام الساعة وبعث الموتى من قبورهم وحشر الأموات من الأجداث مَتى هذَا الْوَعْدُ الذي قد وعدتنا به عينوا لنا وقت وقوع الموعود إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في وعدكم ودعواكم هذه يعنون بالخطاب رسول الله صلّى الله عليه والمؤمنين جميعا

قُلْ يا أكمل الرسل في جوابهم بعد ما اقترحوا على سبيل الإنكار قد يأتى ويبادر لَكُمْ ايها المنكرون للبعث بغتة مِيعادُ يَوْمٍ اى وعده وزمانه بحيث لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ يعنى لا يسع لكم متى فاجأتكم الساعة الموعودة ان تطلبوا التأخر عنه آنا ولحظة او التقدم عليه طرفة ولمحة وبالجملة قيام الساعة مثل حلول الأجل فكما إذا حل عليكم اجلكم لا يمكنكم طلب التقديم والتأخير فكذلك قيام الساعة إذا حل عليكم لا يمكنكم هذا ولذا قيل الموت هو القيامة الصغرى وقال صلّى الله عليه وسلّم من مات فقد قامت قيامته

وَمن كمال غيظ المشركين معك يا أكمل الرسل وشدة انكارهم على كتابك بسبب اشتماله على الأوامر والنواهي الشاقة والتكليفات الشديدة وكذا بواسطة ما اخبر فيه من قيام الساعة واهوال الفزع الأكبر والطامة الكبرى

<<  <  ج: ص:  >  >>