للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ستروا الحق واعرضوا عن مقتضاه لَنْ نُؤْمِنَ ولن نصدق ابدا نحن بِهذَا الْقُرْآنِ المفترى وبما فيه من الإنذارات والتخويفات سيما حشر الأجساد واعادة المعدوم بعينه وَلا نصدق ايضا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ من الكتب السالفة المشتملة على ذكر القيامة وغيرها وذلك انهم قد فتشوا من احبار اليهود والنصارى ومن جميع من انزل إليهم الكتب والصحف فسمعوا منهم جملة انه قد ذكر في كتابهم نعت محمد صلّى الله عليه وسلم وحليته ووصف كتابه ايضا وذكر الحشر والنشر وعموم المعتقدات الاخروية لذلك قد بالغوا في تكذيب الكتب الإلهية رأسا وصرفوا الناس ايضا عن تصديقها والايمان بها وبمن انزل إليهم سيما بالقرآن وبمحمد صلى الله عليه وسلم وَلَوْ تَرى ايها الرائي لرأيت امرا فظيعا فجيعا وقت إِذِ الظَّالِمُونَ الخارجون عن ربقة العبودية بتكذيب الرسل وانكار الكتب وما فيها من احوال النشأة الاخرى سيما القرآن ومحمد صلّى الله عليه وسلم مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ محبوسون للعرض والحساب قد يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يعنى يتحاورون فيما بينهم ويتراجعون في الأقوال ويتلاومون ويتلاعنون فيها حيث يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا من الاتباع والخدمة المتسمين بذل التبعية والفرعية لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا من المتبوعين المتعززين بعزّ الثروة والرياسة لَوْلا أَنْتُمْ موجودون مقتدون بيننا لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ مهتدين موقنين بتوحيد الله مصدقين لكتبه ورسله وبجميع ما جرى على ألسنة الرسل والكتب ثم

قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا اى المتبوعون المتعظمون بعز الثروة والرياسة وبشرف الجاه والسيادة لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا اى للاتباع والسفلة أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى يعنى لم نكن نحن صادين صارفين لكم عن الايمان بالرسل والكتب بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ الرسل بالكتب المشتملة على الهدى والبينات ودعوكم الى الايمان بل نحن حينئذ ما صددنا وصرفنا الا أنفسنا بلا تغرير وتضليل منا إياكم بَلْ كُنْتُمْ حينئذ مُجْرِمِينَ تاركين الايمان والهداية تقليدا علينا بلا صد منا وذب من قبلنا

وَقالَ الاتباع الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لم يكن اضلالكم وتغريركم علينا منحصرا في الصد والذب باللسان والأركان بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ يعنى مكركم وخداعكم في تضليلنا قد كان دائما مستوعبا للأيام والليالى وليس مخصوصا بوقت دون وقت لأنكم رؤساء بيننا اصحاب الثروة والجاه فينا فتخدعون بنا قولا وفعلا وقد مالت قلوبنا الى ما أنتم عليه إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وبتوحيده وننكر رسله وكتبه وَنَجْعَلَ لَهُ اى نثبت ونعتقد لله الواحد الأحد الصمد المنزه عن الشريك مطلقا أَنْداداً شركاء معه سبحانه في استحقاق العبادة والإطاعة والتوجه والرجوع في مطلق الخطوب والمهام وَبالجملة هم قد أَسَرُّوا اى أظهروا او اخفوا النَّدامَةَ على ما قد فات عنهم يعنى لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ النازل عليهم بشؤم ما صدر عنهم في النشأة الاولى أظهروا الندامة تحسرا وتحزنا او اخفوها مخافة التعيير والتقريع وَبعد ما أردنا تعذيبهم قد جَعَلْنَا الْأَغْلالَ الممثلة لهم من تعديهم وظلمهم بالخروج عن مقتضى الحدود الإلهية فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا بوحدة الحق واثبتوا له أندادا وأنكروا لعموم رسله وكتبه تابعين ومتبوعين ضالين ومضلين وقلنا لهم حينئذ توبيخا وتقريعا هَلْ يُجْزَوْنَ ما يعذبون هؤلاء البعداء من ساحة عز القبول إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ يعنى بمقتضى أعمالهم وأفعالهم وبحسبها وطبقها بمقتضى العدل الإلهي

وَكيف لا نأخذهم بشؤم أعمالهم وأفعالهم إذ ما أَرْسَلْنا وما بعثنا فِي قَرْيَةٍ من القرى الهالكة مِنْ نَذِيرٍ من النذر المبعوثين لإصلاح مفاسدهم

<<  <  ج: ص:  >  >>