للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشركين المتخذين الشياطين اولياء آلهة من دوننا واستخبرهم يا أكمل الرسل على سبيل التبكيت والتعيير تنصيصا على غيهم وتصريحا بكفرهم واستحقاقهم العذاب المؤبد والنكال المخلد أَهُمْ اى آلهتهم وشياطينهم أَشَدُّ خَلْقاً اى إيجادا وتأثيرا أَمْ مَنْ خَلَقْنا وأظهرنا بمقتضى قدرتنا الكاملة من المخلوقات المذكورة التي هي الملائكة الصافات والسموات المطبقات والكواكب السيارات المتفاوتة في التأثيرات والأرض وما عليها من البسائط والمركبات والمواليد وما بينهما من الممتزجات وغير ذلك من الاستعدادات القابلة لشروق شمس الذات سيما إِنَّا خَلَقْناهُمْ وقدرنا هؤلاء المتخذين لغيرنا أربابا أولا مِنْ طِينٍ لازِبٍ لاصق منتن مهين لازم النتن والهوان ثم ربيناهم بأنواع التربية الى ان سويناهم رجالا عقلاء ليعترفوا بنا وبتوحيدنا والوهيتنا وربوبيتنا ويواظبوا على شكر نعمتنا فعكسوا الأمر واتخذوا اولياء من دوننا واعتقدوهم آلهة سوانا وبالجملة قد انقلبوا خاسرين خائبين او المعنى فاستفتهم اى سلهم اى المشركين أهم في أنفسهم أشد خلقا وأعظم مخلوقا أم من خلقنا من المخلوقات المذكورة سابقا مع انهم لم يتخذوا الها سوانا ولم يعبدوا غيرنا وهؤلاء الحمقى كيف اتخذوا من دوننا أولياء ويسمونهم آلهة شفعاء مع انهم أضعف بالنسبة إليهم مخلوقون من أدون الأشياء وارذلها انا خلقناهم وقدرنا وجودهم أولا من طين لازب مسترذل منتن تستكرهه الطبائع ومتى سمعت يا أكمل الرسل قولهم وانكارهم التوحيد واشراكهم بالله أدون الأشياء مع ضعف خلقهم وتأملت حالهم فقد استبعدت منهم هذا

بَلْ عَجِبْتَ أنت وعجبت انا على القرائتين منهم أمثال هذا مع انهم مجبولون على فطرة الدراية والشعور موهوبا لهم العقل المفاض المشير لهم الى التوحيد وتصديق البعث والحشر وجميع الأمور الاخروية وَهم مع هذا يَسْخَرُونَ بك مهما سمعوا منك الاخبار والآيات الواردة في امر البعث والحشر بل

وَهم من شدة قسوتهم وغاية عمههم وسكرتهم في غيهم وغفلتهم إِذا ذُكِّرُوا ووعظوا بالإنذارات البليغة والتخويفات الشديدة المتعلقة للآخرة لا يَذْكُرُونَ ولا يتأثرون ولا يتعظون ولا يقتصرون على عدم القبول والتذكر بل

وَإِذا رَأَوْا اى علموا وسمعوا آيَةً معجزة نازلة في شأن البعث والنشور يَسْتَسْخِرُونَ بها ويستهزؤن بك يا أكمل الرسل عنادا واستكبارا

وَقالُوا من شدة بغضهم وضغينتهم معك يا أكمل الرسل ومع كتابك إِنْ هذا اى ما هذا الذي قد جاء به هذا المدعى مفتريا على ربه إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ اى سحرية ما جاء به ظاهرة وهو في نفسه ساحر ماهر لكن كلامه زور باطل

أَنبعث ونحيى إِذا مِتْنا وانفصل عنا روحنا سيما وَقد كُنَّا تُراباً وَعِظاماً بالية رميمة أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ بعد ما صرنا كذلك

أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ الأقدمون يبعثون ويحشرون هيهات لما توعدون ان هي الا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين

قُلْ لهم يا أكمل الرسل بعد ما بالغوا في انكار البعث واستحالة نشأة النشور نَعَمْ تبعثون أنتم ايها الضالون المنكرون والى ربكم تحشرون وعن أعمالكم تسئلون وعليها تحاسبون والى جهنم تساقون وَأَنْتُمْ فيها داخِرُونَ داخلون دائمون صاغرون مهانون وكيف تنكرون قدرتنا على البعث وقيام الساعة فَإِنَّما هِيَ اى الساعة والبعث بعد ما تعلقت مشيتنا زَجْرَةٌ واحِدَةٌ اى صيحة واحدة ناشرة منشرة لهم من قبورهم سائقة زاجرة لهم نحو المحشر زجر الراعي الصائح للغنم وبعد ما سمع الأموات الصيحة اى النفخة الثانية في الصور فَإِذا هُمْ قيام يَنْظُرُونَ حيارى وسكارى تائهين والهين

وَقالُوا بعد ما قاموا كذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>