للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حضرة علمه المحيط بانا وأنتم من الأشقياء المردودين مستحقون لانواع العذاب والنكال وبالجملة إِنَّا بأجمعنا لَذائِقُونَ اليوم ما كتب الله لنا من العذاب وبالجملة سلمنا انا قد اضللناكم عن الهدى بمكرنا وخداعنا

فَأَغْوَيْناكُمْ عن الايمان والتوحيد إِنَّا كُنَّا ايضا غاوِينَ أمثالكم فلحق بنا ما لحق بكم الى متى تعيروننا وتخاصموننا وبعد ما تمادى وتطاول بينهم جدالهم وتخاصمهم قيل لهم من قبل الحق

فَإِنَّهُمْ بأجمعهم ضالا ومضلا تابعا ومتبوعا يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ المؤبد المخلد مُشْتَرِكُونَ كما قد كانوا مشتركين في أسبابه وموجباته في النشأة الاولى وبالجملة

إِنَّا من غاية قهرنا وجلالنا كَذلِكَ اى مثل الفعل الهائل المهول الذي هو سوقهم جميعا الى النار نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ اى بعموم المتخذين لنا شركاء من دوننا الخارجين عن ربقة عبوديتنا بالالتفات والتوجه الى غيرنا وكيف لا نفعل مع المجرمين المشركين كذلك

إِنَّهُمْ من شدة عتوهم وعنادهم قد كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ تذكيرا وتنبيها لا إِلهَ في الوجود يعبد له ويرجع اليه في الخطوب إِلَّا اللَّهُ الواحد الأحد الصمد الوتر الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد هم يَسْتَكْبِرُونَ ويعرضون عن كلمة التوحيد ومقتضاها ويمتنعون عنها وعن معناها

وَيَقُولُونَ حينئذ من غاية تعنتهم وإصرارهم على الشرك على سبيل الإنكار والاستبعاد أَإِنَّا مع كمال عقلنا ورشدنا لَتارِكُوا آلِهَتِنا الذين قد كنا نحن وآباؤنا وأسلافنا لها عابدين عاكفين سيما لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ يتكلم بكلام المجانين بمجرد ما قد جاءنا بأباطيل من تلقاء نفسه مشتملة على أساطير الأولين يعنون الرسول صلّى الله عليه وسلم. ثم لما تمادوا في طعنه والطغيان وبالغوا في القدح في الرسول والقرآن وإنكاره رد الله عليهم على ابلغ وجه وافصح بيان فقال سبحانه على سبيل الإضراب عن قولهم

بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ داعيا على الحق هاديا الى الحق وَعلامة حقيته وصدقه انه قد صَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ المنزلين من عندنا على الحق اليقين وبالجملة

إِنَّكُمْ ايها الضالون المكذبون به صلّى الله عليه وسلّم وبكتابنا المنزل اليه من عندنا لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ المعد لكم ولأمثالكم في قعر الجحيم

وَاعلموا انكم ما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اى بمقتضى ما عملتم واقترفتم لأنفسكم بلا زيادة عليه ولا نقصان منه عدلا منا وقهرا على من انحرف عن جادة توحيدنا

إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ على الايمان والأعمال الصالحة خالصا لوجه الله الكريم

أُولئِكَ السعداء المقبولون عند الله المرضيون لديه سبحانه لَهُمْ من فضل الله عليهم ولطفه معهم رِزْقٌ مَعْلُومٌ معد معين من عنده سبحانه صوريا ومعنويا علميا وعينيا كشفيا وشهوديا على مقتضى ما عملوا من صالحات الأعمال والأخلاق والحالات بل لهم تفضلا منا عليهم ومزيدا لتكريمهم

فَواكِهُ كثيرة يتلذذون بها حسب ما يشتهون وَبالجملة هُمْ مُكْرَمُونَ عند ربهم متنعمون

فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ المشتملة على الرزق الصوري والمعنوي متكئين كل منهم مع قرينه عَلى سُرُرٍ رفيعة حسب رفعة درجاتهم في الايمان والعرفان والكشف والعيان مُتَقابِلِينَ متواجهين كل منهم مع قرينه

يُطافُ عَلَيْهِمْ تشويقا لهم وتجديدا لذوقهم وحضورهم بِكَأْسٍ مملو مِنْ مَعِينٍ هو عبارة عن خمر الجنة سميت به لأنها قد عانت ونبعت من بحر اللاهوت وترشحت من عين الحياة المنتشئة من حضرة الرحموت

بَيْضاءَ يعنى في غاية الصفاء والضياء بحيث لا لون لها حتى يدركها النظر ويخبر عنها الخبر لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ اى لذيذة للعارفين المتعطشين بزلال التوحيد وبرد اليقين لا يدرك

<<  <  ج: ص:  >  >>