للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ان كنتم سائرين في اسفاركم في الليالى

وَبِاللَّيْلِ

ان كنتم سائرين في أيامكم يعنى ان سرتم ليلا تصبحون عندها وان سرتم نهارا تمسون دونها وبالجملة هي على طريقكم ايها المجبولون على العبرة والعظة أَفَلا تَعْقِلُونَ

تتفكرون وتتأملون فيما جرى عليهم بشؤم تكذيبهم وانكارهم على رسل الله لتعتبروا منهم ومن اطلالهم ورسومهم المندرسة المنكوسة حتى لا تفعلوا مثل أفعالهم

وَإِنَّ يُونُسَ

ابن متى ايضا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ

من عندنا المؤيدين بوحينا والهامنا اذكر يا أكمل الرسل وقت

إِذْ أَبَقَ

وهرب من نزول العذاب الموعود على قومه حين دعاهم الى الايمان والتوبة فلم يقبلوا منه دعوته ولم يجيبوا له فدعا عليهم وبعد ما قرب حلول العذاب عليهم خرج من بينهم هاربا حتى لا يلحقه ما لحقهم فلما وصل البحر ركب إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ

المملوّ من الناس والأحمال والأثقال فاحتبست السفينة على أهلها فاضطروا فقال البحارون ان في السفينة عبدا آبقا فبادروا الى القرعة على ما هو عادتهم في أمثاله وبعد ما خرج القرعة باسم واحد من أهلها طرحوه في الماء فأخذت السفينة في الجري والذهاب

فَساهَمَ

اى قارع حينئذ أهلها فخرج باسم يونس فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ

المغلوبين المغرقين بمقتضى القرعة وبعد ما خرجت القرعة باسمه تفطن يونس عليه السلام انه من الاختبارات الإلهية فقال انا العبد الآبق فرمى نفسه في الماء خوفا من غضب الله ومن شدة غيرته وحميته وتوطينا لنفسه على مقتضى قضاء الله مفوضا امره اليه سبحانه وبعد ما وصل الى جوف الماء

فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ بالهام الله إياه على الفور وابتلعه وَهُوَ حينئذ مُلِيمٌ نفسه نادم على فعله الذي فعله بلا نزول وحى من ربه لذلك أخذ حينئذ يسبح ربه عما لا يليق بشأنه وبالجملة

فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ المنكشفين بوحدة الحق وبكمال تنزهه عن سمة الكثرة مطلقا

لَلَبِثَ واستقر فِي بَطْنِهِ اى بطن الحوت إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ وصار بطن الحوت له كالقبر لسائر الأموات وبالجملة لا نجاة له من بطنه ابدا ثم لما كان يونس عليه السلام من اهل التسبيح والتقديس ومن المنكشفين بوحدتنا واستقلالنا في شئوننا وتطوراتنا

فَنَبَذْناهُ وطرحناه من بطنه بِالْعَراءِ اى البادية الخالية عن مطلق الغطاء والغشاء الذي يظله من شجرة وغيرها عناية منا إياه ونجاة له وذلك بان ألهمنا الحوت أولا حين سقوطه في البحر بالتقامه فالتقمه بلا لحوق ضرر من الماء ثم الهمناه ان يخرج رأسه من الماء حتى يتنفس هو في بطنه الى ان يبلغ الساحل قيل لبث في بطنه يوما او بعض يوم وقيل ثلاثة ايام او سبعة وعشرين او أربعين فلما بلغ الساحل أخرجه الحوت من بطنه ولفظه الموج الى الساحل العاري عن الظل والشمس في غاية الحرارة وَهُوَ حينئذ سَقِيمٌ ضعيف قد صار بدنه كبدن الطفل حين يولد

وَبعد ما لم يكن له متعهد وليس هناك مظلة ولا شيء يحفظه من الحر والذباب قد أَنْبَتْنا عَلَيْهِ في الحال من كمال رحمتنا إياه وعطفنا معه شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ وهي شجرة تنبسط على وجه الأرض ولها أوراق عظام بلا ساق تقوم عليه قيل هي الدباء فغطيناه بأوراقها وربيناه بظلها إذ ظلها من احسن الاظلال وأكرمها هواء وألهمنا ايضا الى وعلة وهي المعز الوحشي حتى جاءت وحضرت عنده صباحا ومساء وهو يشرب من لبنها الى ان قوى وتقوم مزاجه على الوجه الذي كان عليه

وَبعد ما ربيناه كذلك أَرْسَلْناهُ مرة اخرى إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ اى في بادى الرأى والنظر يعنى قد حكم الناظر عليهم على سبيل الظن والتخمين بأنهم مائة ألف او اكثر وهؤلاء الذين قد أرسل إليهم أولا وهرب منهم وهم اصحاب نينوى هي قرية

<<  <  ج: ص:  >  >>