للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن بطشه حَلِيمٌ لا يعجل بعقوبة العاصين

لا جُناحَ عَلَيْكُمْ اى لا وزر ولا اثم عليكم ايها المؤمنون إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ اى مادام لم تجامعوا معهن أَوْ لم تَفْرِضُوا وتقدروا لَهُنَّ فَرِيضَةً مهرا وصداقا وَمَتِّعُوهُنَّ اى عليكم ان تحسنوا لهن بعد ما طلقتموهن جبرا لما كسرتم من قلوبهن بالطلاق واعلموا ان التمتيع والإحسان عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ اى قدر وسعه ويسره وَكذا عَلَى الْمُقْتِرِ المعسر قَدَرُهُ اى قدر إعساره وإقتاره مَتاعاً اى متعوهن متاعا ملتبسا بِالْمَعْرُوفِ الذي يستحسنه الشرع والمروءة ولهذا صار ذلك التمتيع المجاز في الشرع حَقًّا

لازما عَلَى المؤمنين الْمُحْسِنِينَ الذين لا يريدون الأذى لاحد من الناس وان وقع منهم نادرا جبروا بالإحسان حفظا للمودة والإخاء الدينية

وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَالحال انه قَدْ فَرَضْتُمْ سميتم وقدرتم لَهُنَّ فَرِيضَةً صداقا ومهرا فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ اى لزمكم أداء نصف ما سميتم من المهر إليهن إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ اى المطلقات فلا يأخذن شيئا اتقاء عن التهمة أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ويرد جميع المهر إليها تبرعا وَأَنْ تَعْفُوا اى عفوكم ايها المؤمنون في أمثال هذا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى واقبل عند المولى وَبالجملة لا تَنْسَوُا ولا تتركوا الْفَضْلَ والإحسان بَيْنَكُمْ ايها المؤمنون الموقنون بل أحسنوا بعضا مما احسن الله لكم الى إخوانكم إِنَّ اللَّهَ المراقب لجميع ما صدر عنكم بِما تَعْمَلُونَ من الفضل والإحسان بَصِيرٌ يجازيكم عليه بفضله وجوده

ثم لما كان للعارف الحائر في بحر الحيرة هيولا وتوجهات متعددة حسب تجددات أنفاسه وتنفساته المستنشقة المستمدة بها من النفثات الرحمانية المهبة من قبل عين عالم اللاهوت المنتشئة من حضرة الذات الاحدية المتجلية بالتجليات الجمالية والجلالية المعبرة بالأسماء والصفات الإلهية المتخالفة في الآثار والمقتضيات على حسب الكمال أراد سبحانه ان ينبه عليه بمحافظة الصلوات والميول والأوقات كلها لئلا يشتغل عن الحق في وقت من الأوقات فقال حافِظُوا اى واظبوا وداوموا ايها المتوجهون نحو توحيد الذات عَلَى الصَّلَواتِ المكتوبة لكم في الأوقات المقدرة المحفوظة وَلا سيما الصَّلاةِ الْوُسْطى التي هي عبارة عن التوجه الرقيق المعنوي بين كل نفسين من أنفاسكم وَبالجملة قُومُوا ايها الاظلال الهالكة في أنفسها المستهلكة في الذات الاحدية إذ لا وجود لكم من ذواتكم لِلَّهِ المظهر لكم من كتم العدم بامتداد ظلال أسمائه ورش من زلال بحر جود وجوده عليكم قانِتِينَ خاضعين متذللين مفنين هويتكم الظلية الغير الحقيقية بالكلية في الهوية الحقيقية الإلهية

فَإِنْ خِفْتُمْ عن مقتضيات القوى البشرية فَرِجالًا اى فعليكم التوجه راجلين منسلخين عنها وعن مقتضياتها بالمرة أَوْ رُكْباناً راكبين عليها بتسخيرها بالرياضات الشاقة الى حيث تنصرف عن مقتضياتها بالمرة فَإِذا أَمِنْتُمْ من شرورها فَاذْكُرُوا اللَّهَ المفنى للغير والسوى مطلقا كَما عَلَّمَكُمْ وعلى الوجه الذي ألهمكم ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ أنتم من وحدة ذاته لولا اعلامه والهامه بانزال سورة الإخلاص وكلمة التوحيد وغيرها من الآيات الدالة على توحيده الذاتي

ثم قال سبحانه وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ اى يستشرفون الى الوفاة مِنْكُمْ ايها المؤمنون وَيَذَرُونَ أَزْواجاً بعدهم لزمهم ان يوصوا وَصِيَّةً حصة مخرجة من أموالهم لِأَزْواجِهِمْ ليتمتعن بها مَتاعاً إِلَى انقضاء الْحَوْلِ بعد موتهم غَيْرَ إِخْراجٍ لهن من المسكن المألوف وكان ذلك في أوائل الإسلام ثم نسخت بتعيين المدة لعدة الوفاة من اربعة أشهر وعشرا

<<  <  ج: ص:  >  >>