للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم وهم الذين ينكشفون بقدر الله ووحدة ذاته واستقلاله بوجوب الوجود ولوازم الألوهية والربوبية بلا شائبة شركة وتوهم مظاهرة وبعد ما قد ثبت تنزهه سبحانه عن مضمون ما تنسبون بذاته ايها المفترون المفرطون

فَإِنَّكُمْ ايها المعزولون عن مقتضى العقل الفطري والرشد الجبلي وَكذا ما تَعْبُدُونَ من دون الله من الأصنام والأوثان وسائر المعبودات الباطلة

ما أَنْتُمْ وآلهتكم عَلَيْهِ سبحانه بِفاتِنِينَ اى مفسدين معرضين صارفين عموم الناس عن عبادته وأطاعته سبحانه باغوائكم واغرائكم ضعفة الأنام وتغريركم إياهم بعبادة الأصنام

إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ اى الا المفسدين الذين قد حق عليهم القول من لدنه وجرى حكمه سبحانه ومضى قضاؤه بأنهم من اصحاب النار واهل الجحيم لا بد لهم بان يصلوها ويدخلوها بلا تردد وتخلف يعنى ما يفيد اضلالكم واغراؤكم الا هؤلاء المحكومين عليهم بالنار في أزل الآزال دون المجبولين على فطرة الإسلام والتوحيد ثم لما اتخذ بعض المشركين الملائكة آلهة واعتقدوهم بنات الله وعبدوا لهم كعبادته سبحانه رد الله عليهم حاكيا عن اعتراف الملائكة

وَكيف يليق بنا ان نرضى بما افترى المشركون علينا من استحقاق العبادة والشركة في الألوهية إذ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ في العبودية والتوجه نحو الحق مَعْلُومٌ معين مقدر من عنده سبحانه لا يسع له ان يتجاوز عنه بلا اذن منه سبحانه بل يلازم كل منا مقامه المقدر له بتقدير ربه متوجها اليه سبحانه منتظرا لأمره وحكمه بلا غفلة وفترة

وَإِنَّا معاشر الملائكة لَنَحْنُ الصَّافُّونَ على الاستقامة حول عرش الرحمن صفوف الناس في المساجد والعساكر عند السلطان لا يسع لاحد منا ان يتعدى مستقبلا او مستدبرا

وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ المنزهون المقدسون لله الواحد الأحد الصمد عن توهم الكثرة والشركة مطلقا الراسخون المتمكنون في مرتبة التنزيه والتقديس فكيف يتأتى منا ان نرضى بمفتريات اهل الزيغ والضلال بنا. عصمنا الله وعموم عباده عن زيغ الزائغين وضلالهم واضلالهم

وَإِنْ كانُوا اى قد كان أولئك الضالون المنهمكون في بحر الغفلة والضلال يعنى كفار قريش خذلهم الله لَيَقُولُونَ على سبيل التمني والتحسر تشنيعا وتعييرا على من مضى من الأمم السالفة

لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ونزل علينا ذِكْراً كتابا مِنَ الْأَوَّلِينَ من جنس كتبهم اى كتابا سماويا من عند الله مثل كتبهم

لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أخلصنا العبادة له ولا نتجاوز عن مقتضى ما جاءنا من عنده في كتابه ولا نتعدى مطلقا عن حكمه وحدوده وأحكامه ولا نهمل شيأ عن عظته وتذكيراته بل نعتبر من قصصه وأمثاله وبالجملة نعامل معه احسن المعاملة كمعاملة سائر اصحاب الكتب مع كتبهم ثم لما نزل عليهم من عند الله ما هو أكمل الكتب مرتبة ورشدا وهداية وأشملها حكما وأتمها فائدة وأبلغها حكمة وبرهانا وأوضحها بيانا وتبيانا

فَكَفَرُوا بِهِ وأنكروا عليه وعلى نزوله ومنزله وعلى من انزل اليه واعرضوا عنه وعن أحكامه واستهزؤا بمن انزل اليه وكذبوا رسالته وبالجملة فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ آجلا وعاجلا جزاء ما يفعلون ويستهزؤن ويذوقون وبال ما ينكرون ويعرضون الا انهم هم المفسدون لأنفسهم ولكن لا يشعرون فسيعلمون اى منقلب ينقلبون

وَكيف لا يعلمون ولا يذوقون العذاب أولئك المسرفون المفرطون لَقَدْ سَبَقَتْ اى قد حقت وثبتت وصدرت على سبيل الوجوب منا كَلِمَتُنا المشتملة على الوعد والنصر لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ وهي قوله سبحانه كتب الله لأغلبن انا ورسلي وقوله ايضا

إِنَّهُمْ اى الرسل والأنبياء لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ المقصورون على النصر والغلبة على الأعداء البتة القاهرون

<<  <  ج: ص:  >  >>