للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القادرون على من غلبهم وظلمهم واستهزؤا معهم عنادا ومكابرة وكيف لا يغلب أولئك الأولياء على تلك الأعداء مع انهم من جندنا وحزبنا

إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ

القاهرون على جنود الأعداء وأحزابهم المسلطون عليهم وبعد ما سمعت يا أكمل الرسل مضمون وعدنا على عموم الأولياء من الرسل والأنبياء

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ اى كفار قريش واعرض عن مما رأتهم ومخاصمتهم حَتَّى حِينٍ الى حين حلول العذاب الموعود المعهود من لدنا إياهم وَأَبْصِرْهُمْ العذاب إذا نزل عليهم عاجلا وهو عذاب يوم البدر فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ آجله في يوم الجزاء بأضعاف ما لحقهم عاجلا

أَينكرون قدرتنا على العذاب الآجل مع نزول العذاب العاجل عليهم يوم بدر فَبِعَذابِنا الآجل في يوم الجزاء يَسْتَعْجِلُونَ ويقولون متى هذا بعد ما سمعوا فسوف يبصرون آجله زيادة في يوم الجزاء بأضعاف ما لحقهم مع ان سوف للوعيد لا للبعيد اما يستحيون من الله فيستعجلون عذابه ولم يتفطنوا مما جرى عليهم وعلى أمثالهم عاجلا ولا يخافون من نزوله وحلوله بغتة

فَإِذا نَزَلَ وحل العذاب الآجل الموعود لهم بِساحَتِهِمْ وفناء دارهم وعرضتها وهذا كناية عن قربه وإلمامه بغتة فَساءَ وبئس الصباح حينئذ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ إذ أصبحوا معاجلين على انواع العذاب والنكال فلم يستعجلون بها أولئك الحمقى الجاهلون الهالكون في تيه الضلال والطغيان

وَبعد ما قد تمادوا في الغفلة والعدوان وبالغوا في العتو والعصيان تَوَلَّ عَنْهُمْ وانصرف عن مكالمتهم يا أكمل الرسل حَتَّى حِينٍ اى حين إلمام العذاب الموعود

وَأَبْصِرْ إياهم بعد ما الم ونزل بساحتهم فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ اى شيء يترتب على انكارهم وتكذيبهم يوم الجزاء أولئك الضالون المسرفون وانما كرره سبحانه تأكيدا ومبالغة في التهديد والتوعيد وتسلية لحبيبه صلّى الله عليه وسلّم ثم أخذ سبحانه في التنزيه على نفسه مضافا الى حبيبه فقال

سُبْحانَ رَبِّكَ يا أكمل الرسل وتنزه ذاته عن مقتضيات التشبيه مطلقا وما نسبوا اليه سبحانه من امارات الإمكان وعلامات النقصان وكيف ينسبون الى رَبِّ الْعِزَّةِ والقدرة والغلبة والكبرياء والاستقلال التام والاستيلاء العام المنزه ذاته عن الاحاطة وصفاته عن العد والإحصاء تعالى عن التحديد والتوصيف سيما عَمَّا يَصِفُونَ به أولئك المسرفون المفرطون من اثبات الولد والإيلاد والاستيلاد

وَسَلامٌ من الله وبركاته عَلَى عباده الْمُرْسَلِينَ من عنده لتبيين توحيده وتقديسه وتعاليه عن احاطة مطلق المدارك والعقول

وَالْحَمْدُ والثناء من ألسنة جميع من يتأتى منه الحمد والثناء حالا ومقالا ثابت لِلَّهِ الواحد الأحد الصمد المنزه عن اتخاذ الأهل والولد رَبِّ الْعالَمِينَ يعنى الذين ظهروا من شئونه وتطوراته حسب أسمائه وصفاته ورباهم ايضا على حسبها اظهار الكمال قدرته وعموم احاطته. وعن المرتضى الأكبر المتحقق بمقام التسليم والرضا كرم الله وجهه انه قال من أحب ان يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه عن مجلسه سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

[خاتمة سورة الصافات]

عليك ايها السالك المتحقق بجلال الحق وبكمال كبريائه واستغنائه عن عموم مظاهره ومصنوعاته واستيلائه على جميع ما ظهر وبطن من الأمور الكائنة المنعكسة ببروق تجلياته حسب أسمائه وصفاته المندرجة في شمس ذاته ان تلاحظ شئون الحق على هياكل الموجودات وتطالع ظهور كمالاته على

<<  <  ج: ص:  >  >>