للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسلّم بمقتضى عموم أسمائه وصفاته فأرسله الى عموم البرايا وكافة الأمم وختم ببعثته امر التشريع والتكميل الرَّحْمنِ عليهم ببعثته صلّى الله عليه وسلّم وإرساله إليهم رحمة للعالمين الرَّحِيمِ عليه بإيجاده وخلقه على خلق عظيم

[الآيات]

ص ايها الصفي الصافي مشربه عن الأمور المنافية لتوحيد الحق وصرافة وحدته الذاتية الصدوق الصادق في ادعاء الرسالة والنبوة بمقتضى الوحى الإلهي والهامه الصبور الصابر على متاعب الدعوة والتبليغ وحمل أعباء الرسالة وَحق الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ والبيان وانواع الدلائل والبرهان المنزل من عندنا عليك يا أكمل الرسل لتبيين احكام دين الإسلام وتحقيق شعائر التوحيد والايمان والتنبيه على مراتب الإحسان المنتهى الى الكشف والعيان ما الكفار المنكرون بك وبكتابك ودينك مطلعون عليك بعيب ونقصان وما لهم حجة يتشبثون بها او دليل يستدلون به على ما يشينك فيتبعونها

بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا واعرضوا عنا وعنك وعن كتابك لا سند لهم أصلا لا عقلا ولا نقلا بل هم في أنفسهم مغمورون مستغرقون فِي عِزَّةٍ كبر وخيلاء عند أنفسهم وَشِقاقٍ خلاف وجدال لنا ولك بعيد بمراحل عن توحيدنا وتصديقك وبعد ما قد سمعت يا أكمل الرسل حالهم لا تبال بهم وبخلافهم ومرائهم وكبرهم وخيلائهم أصلا اذكر

كَمْ اى كثيرا أَهْلَكْنا أمثالهم مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ اهل قَرْنٍ مغمورين في الكبر والخيلاء منهمكين في الخلاف والشقاق أمثالهم فَنادَوْا واستغاثوا متضرعين إلينا راجين منا عفونا إياهم حين أخذناهم بظلمهم بغتة وَلاتَ حِينَ مَناصٍ اى ليس حين الهلاك وقت تأخير ونجاة لهم وخلاص إياهم فلم نجبهم لذلك بمضى وقت الاختبارات والاعتبارات بل قد أهلكناهم واستأصلناهم ان في ذلك لعبرة لأولى الأبصار

وَمن شدة شقاقهم ونفاقهم قد عَجِبُوا بل تعجبوا اى اهل مكة من أَنْ جاءَهُمْ وأرسل إليهم رسول مُنْذِرٌ مِنْهُمْ ومن جنسهم وبنى نوعهم يعنى محمدا صلّى الله عليه وسلم وَقالَ الْكافِرُونَ من كمال تعجبهم وشدة انكارهم هذا ساحِرٌ اى محمد صلّى الله عليه وسلّم وليس جميع ما اتى به وما أظهره في صورة المعجزة الخارقة للعادة الا سحر يسميه معجزة تغريرا وتلبيسا وفيما قد نسبه الى الوحى والإنزال كَذَّابٌ مبالغ في الكذب مستغرق فيه ثم لما اسلم عمر بن الخطاب رضى الله عنه فشق ذلك على قريش وفرح المؤمنون فازدحم صناديدهم عند ابى طالب فقالوا له أنت شيخنا وسيدنا وقد علمت ما فعل هؤلاء فاتيناك لتقضى بيننا وبين ابن أخيك فأرسل ابو طالب الى النبي صلّى الله عليه وسلم فاحضره معهم فقال يا ابن أخي هؤلاء قومك يسألونك السؤال فلا تمل أنت كل الميل عن قومك فقال صلّى الله عليه وسلّم وماذا يسئلون قالوا له ارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك وعلى هذا نتعاهد معك عند عمك فقال صلّى الله عليه وسلم أتطيعوني في كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم فقال ابو جهل أنطيعكها وعشر أمثالها فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم قولوا لا اله الا الله الواحد فنفروا من ذلك جميعا وقاموا قائلين على سبيل الإنكار والاستبعاد

أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً فمتى يسع الا له الواحد للخلق الكثير إِنَّ هذا الذي يطلب هذا المدعى لَشَيْءٌ عُجابٌ اى عجيب بديع ابتدعه من تلقاء نفسه

وَبعد ما تنفروا من قوله وتعجبوا من طلبه انْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ اى اشرافهم قائلين أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا اى اثبتوا وتمكنوا عَلى عبادة آلِهَتِكُمْ وتصالحوا معه إِنَّ هذا الذي قد حدث بيننا وابتدع فينا لَشَيْءٌ يُرادُ بنا من شؤم الزمان وريبه ومالنا الا الصبر والثبات الى ان يتجلى

<<  <  ج: ص:  >  >>