للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لائما نفسه إِنِّي من غاية غفلتي عن ربي أَحْبَبْتُ الخيل حُبَّ الْخَيْرِ اى مثل حب الخير والتوجه المقرب نحو الحق لذلك الهانى الخيل عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ الشمس بِالْحِجابِ وفات عنى وردى الذي قد كنت عليه قبل غروب الشمس وبعد ما وقع من الغفلة ما وقع وفات ما فات من الورد تسارع الى التدارك والتلافي فأخذ يقطع عرق الباعث الى الإلهاء والاغفال فقال للشرطة

رُدُّوها اى الخيول الصافنات عَلَيَّ وكرّوها الىّ كرة اخرى فاعادوها عارضين ثانيا فَطَفِقَ وقرب سليمان عليه السلام وأخذ السيف الصارم بيده يمسح ويمضى مَسْحاً وإمضاء وملاصقا بِالسُّوقِ وهي جمع ساق وَالْأَعْناقِ يعنى أخذ بقطع قوائم الخيول ورؤسها ليزول حبها عن قلبه ويتصدق بها طلبا لمرضاة ربه وجبرا لما انكسر من ورده وعن المرتضى المجتبى كرم الله وجهه ان الضمير في ردوها راجع الى الشمس يعنى امر سليمان عليه السلام الموكلين على الشمس باذن الله ووحيه إياه ان يردوا بعد ما غربت ليأتى سليمان عليه السلام بورده فردوها واتى بما اتى وذلك من كمال كرم الله معه ولطفه إياه

وَمع كونه مقبولا عندنا ممدوحا لدينا لَقَدْ فَتَنَّا وابتلينا سُلَيْمانَ بفتنة عظيمة وَبعد ما فتناه بفتنة عظيمة أَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ وأجلسنا بدله عليها جَسَداً تمثالا وصورة لا حقيقة لها ثُمَّ بعد ما ابتليناه بما ابتلينا قد أَنابَ وتاب إلينا مخلصا متضرعا فقبلنا توبته عناية منا إياه حيث

قالَ في مناجاته معنا وعرض حاجاته إلينا رَبِّ يا من ربيتني بمقتضى لطفك وجودك وأعطيتني من مواهبك ما لم تعط أحدا من خلقك اغْفِرْ لِي ذنبي فاعف عنى زلتى وارحمني بسعة رحمتك وجودك وَبعد ما غفرتنى ومحوت عنى معصيتي هَبْ لِي مُلْكاً كما وهبتني قبل هذا وخصصنى به بمقتضى جودك وإحسانك علىّ إذ لا يَنْبَغِي ولا يليق بشأنك وبمزيد لطفك وإحسانك ان تعطيه لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إذ لا راد لفضلك ولا مانع لعطائك إِنَّكَ أَنْتَ المحسن الْوَهَّابُ المنحصر المقصور على إعطاء عموم المواهب والكرامات بلا عوض ولا غرض إذ لا معطى سواك ولا مفضل غيرك وبعد ما توجه إلينا وتضرع نحونا على وجه الانابة والخضوع والتذلل والخشوع آتينا ملكه وأجرينا حكمه كما كان

فَسَخَّرْنا لَهُ بدل ما مسح من الصافنات الجياد لتعظيم أمرنا وقوة حكمنا الرِّيحَ بعد ما ابتليناه وقبلنا توبته وجعلناها مقهورة له محكومة بحكمه بحيث تَجْرِي بِأَمْرِهِ منقادة له رُخاءً لينة هينة بلا تضعضع وتزعزع يتعب منه الراكب حَيْثُ أَصابَ اى تجرى الريح بامره الى أىّ صوب أراد وجانب قصد

وَايضا قد سخرنا له الشَّياطِينَ وجعلناهم منقادين لحكمه كُلَّ بَنَّاءٍ منهم سيبنى له ابنية عجيبة وقصورا مشيدة منيعة وحصونا محكمة بحيث لا يسع للانس ان يعمل مثلها وَكذا كل غَوَّاصٍ منهم ليغوص لأجله في لجج البحار ويستخرج بخزانته من اللئالئ النفيسة ما لا يعد ولا يحصى

وَآخَرِينَ من الشياطين وهم المردة الممتنعون عن الإطاعة والانقياد قد جعلناهم مُقَرَّنِينَ مشدودين محبوسين فِي الْأَصْفادِ اى القيود والأغلال المضيقة بمقتضى امره وحكمه. ثم قال سبحانه امتنانا عليه وتنبيها على تعظيمه وتكريمه

هذا المذكور من الحكومة والخلافة والتسخيرات السالفة عَطاؤُنا عليك يا من اصطفيناك لوراثة النبوة والخلافة فَامْنُنْ منه لمن شئت واجعل حق المستحقين موضعه أَوْ أَمْسِكْ لنفسك

<<  <  ج: ص:  >  >>