للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اى أيوب عبدا صابِراً لجميع ما هجم عليه من انواع البلايا المتعلقة بماله وأولاده وبدنه وبالجملة نِعْمَ الْعَبْدُ عبدنا أيوب الصبور الصبار المسلم المفوض بلا جزع وتزعزع فكيف يجزع إِنَّهُ أَوَّابٌ رجاع إلينا متشمر نحونا في عموم أوقاته وحالاته طالب للفناء فينا والبقاء ببقائنا

وَاذْكُرْ يا أكمل الرسل عِبادَنا الذين هم أجدادك واسلافك إِبْراهِيمَ وَابنه إِسْحاقَ وَسبطه يَعْقُوبَ واذكر من شمائلهم الجميلة وخصائلهم الحميدة ليتعظ من سماعها ذوو العبرة والاعتبار من المؤمنين ويقتدون بمآثرهم لأنهم قد كانوا أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ اى ذوى القوة في الطاعة والبصيرة في مراسم الدين ومعالم التوحيد واليقين ولهم التمكن في مقر المعرفة والوصول الى درجات التجريد والتفريد ولا بد للذين يلونهم ان يقتدوا بهم ويسترشدوا من أخلاقهم وآثارهم ويتصفوا باوصافهم كي يفوزوا بمعارفهم وينكشفوا بمكاشفاتهم ومشاهداتهم لأنهم قدوة اصحاب التوحيد وزبدة ارباب الكشف والشهود وكيف لا

إِنَّا من مقام عظيم جودنا معهم أَخْلَصْناهُمْ وجعلناهم مخصوصين بِخالِصَةٍ اى بخصلة خالصة عن كدر التعلقات الناسوتية خالية عن شوب مقتضيات القوى البشرية العائقة عن التحقق بمرتبة اللاهوتية ألا وهي ذِكْرَى الدَّارِ الآخرة التي هي مقام التمكن في مقر التوحيد ومحل الانكشاف بسرائر الوحدة الذاتية وسريانها في ملابس الأسماء والصفات المقتضية للتعدد والتكثر

وَبالجملة إِنَّهُمْ اى أولئك الأنبياء العظام الساعين لطلب الخير في طريق الدين ورتبة اليقين عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ المختارين المنتخبين لحمل أعباء الرسالة الْأَخْيارِ المنتخبين الصالحين للاتصاف بسرائر التوحيد واليقين

وَاذْكُرْ ايضا يا أكمل الرسل جدك إِسْماعِيلَ ابن ابراهيم الخليل وتذكر تصبره ورسوخه في مقام التفويض والتسليم راضيا بما جرى عليه من مقتضيات حكم ربه مع انه لم يبلغ الحلم وَاذكر ايضا الْيَسَعَ هو ابن اليحطوب استخلفه الياس النبي عليه السلام على بنى إسرائيل ثم استنبئ وَذَا الْكِفْلِ هو ابن عم اليسع المذكور او بشر بن أيوب قيل انما لقب به لأنه فرّ اليه مائة نبي من بنى إسرائيل فآواهم وكفلهم وَكُلٌّ اى كل واحد من الأنبياء المذكورين معدود عندنا مِنَ الْأَخْيارِ الأبرار مثبت في حضرة علمنا ولوح قضائنا من زمرتهم

هذا الذي تلى عليك من الأمر بتذكير أولئك الثقات الكرام ذِكْرٌ جميل واثبات شريف وكمال لهم انما ذكرناهم وأمرنا بذكرهم يا أكمل الرسل تنبيها على جلالة قدرهم وعظم شأنهم وَبالجملة إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ المجتنبين عن محظوراتنا المتصفين بمأموراتنا الطالبين لمرضاتنا الهاربين عن مساخطنا وانتقاماتنا لَحُسْنَ مَآبٍ عندنا وخير منقلب ومتاب في كنف حفظنا وجوارنا وساحة عز قبولنا

جَنَّاتِ عَدْنٍ عطف بيان لحسن مآب وهي عبارة عن درجات القرب الى الوحدة الذاتية وتجددات التجليات الشهودية على ارباب الكشف والعيان ولكمال تحفظهم عن مقتضيات القوى ومشتهيات الهوى وخلوصهم في التوجه نحو المولى قد صارت الجنات المذكورة مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ مفتوحة الطرق واضحة السبل بالنسبة إليهم يدخلون فيها من كل باب بلا منع وحجاب وبعد دخولهم فيها وتحققهم دونها قد صاروا

مُتَّكِئِينَ فِيها متمكنين على ارائك القبول وسرر الإخلاص ولهم فيها ما تشتهي قلوبهم من المعارف المتجددة بتجدد التجليات الحبية المنبعثة من حضرة الرحموت إذ يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ من انواع ما يتفكهون ويتلذذون علما وعينا وحقا وَشَرابٍ يشربون من رحيق الحق وكأس التحقيق ولا يردون

وَ

<<  <  ج: ص:  >  >>