للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رؤسهم حيث

قالُوا رَبَّنا يا من ربانا على فطرة التوحيد وأشركنا بك بشؤم هؤلاء المشركين المضلين نرجو اليوم من عدلك مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا ودلنا عليه بتغريره وتضليله فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً اى ضعف عذابنا فِي النَّارِ إذ نحن ضالون وهم الضالون المضلون

وَقالُوا اى الرؤساء القادة بعد ما قد توغلوا في انواع العذاب على سبيل التحسر والتقريع على أنفسهم ما لَنا أى شيء عرض لنا ولحق بأبصارنا حيث لا نَرى رِجالًا فقراء ارذالا أذلاء بيننا قد احاطتهم انواع الفاقة والعناء لذلك قد كُنَّا نَعُدُّهُمْ ونخصهم مِنَ جملة الْأَشْرارِ الأرذال الساقطين عن درجة الاعتبار وكنا قد بالغنا في طردهم وذبهم وزجرهم حيث (٢)

أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا واستهزأنا بهم تهكما وتقرعا وبالجملة لا نرى اليوم منهم أحدا في النار أهم ما يدخلون النار كما هو زعمهم ودعواهم أَمْ هم ايضا داخلون لكن قد زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ اى قد مالت عن رؤيتهم أبصارنا من شدة اهوالنا واحتجبوا منا يعنون فقراء المسلمين الذين قد استرذلوهم واستهزؤا بهم. ثم قال سبحانه على سبيل المبالغة والتأكيد

إِنَّ ذلِكَ الذي قد حكينا لك يا أكمل الرسل من اهل النار لَحَقٌّ صدق ثابت مطابق للواقع لا بد ان يتكلموا به حين دخولهم فيها وبالجملة ما هذا الذي سمعت الا تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ في النار على الوجه الذي ذكر ثم لما بالغ سبحانه في حقية ما حكى من اهل النار امر حبيبه صلّى الله عليه وسلّم بان بلغ للأنام التوحيد المبعد لهم عن النار والعذاب المؤبد فيها فقال

قُلْ يا أكمل الرسل للمشركين المستحقين لعذاب النار انقاذا لهم عنها ان قبلوا منك قولك إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ لكم باذن الله ووحيه عن أمثال ما ذكر من العذاب في النشأة الاخرى وَاعلموا انه ما مِنْ إِلهٍ يعبد بالحق ويرجع اليه في الخطوب ويلتجأ نحوه في النوائب والمصائب إِلَّا اللَّهُ الْواحِدُ الأحد الفرد الصمد الحي القيوم الذي لا شريك له في الوجود ولا شيء غيره في الشهود الْقَهَّارُ للاغيار مطلقا إذ كل شيء هالك الا وجهه له الحكم واليه ترجعون رجوع الاظلال الى الشمس والأمواج الى البحر وكيف لا هو سبحانه بتوحده واستقلاله

رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا اى مظهر كل ما في العلو والسفل وكذا ما في حشوهما والمحاط بهما إذ الكل منه بدأ واليه يعود وكيف لا وهو الْعَزِيزُ الغالب على امره في خلقه وحكمه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد الْغَفَّارُ الستار المحاء لهويات الأغيار وهياكل الاظلال الغير القار

قُلْ يا أكمل الرسل بعد ما قد بينت لهم توحيد الحق واستقلاله في تصرفاته وتدبيراته هُوَ اى الذي قد بلغت لكم بوحي الله من احاطة الحق وشموله بجميع ما لمعت عليه بروق تجلياته نَبَأٌ عَظِيمٌ وخبر خطير قد أخبركم به الحق ونبهكم عليه من كمال أعطافه واشفاقه لينقذكم به عن عذابه المترتب على كفركم وشرككم أَنْتُمْ من كمال توغلكم في الجهل والضلال عَنْهُ مُعْرِضُونَ مع انه انفع لكم وأصلح بحالكم وهو سبحانه اعلم بشأنكم منكم وبمقتضى علمه بحالكم انزل كتابه عليكم ليرشدكم الى جهة معرفته ووجهة توحيده وما على الا تبليغ ما اوحى الى كسائر الرسل إذ

ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ اى ما حصل عندي وما ثبت لدى من علم متعلق منى بِالْمَلَإِ الْأَعْلى اى الملائكة السماويين سيما وقت إِذْ يَخْتَصِمُونَ في خلافة آدم ونبوته ونيابته بل قد الهمنى الله بوحيه عموم ما جرى بينهم من الحجج والمعارضات الواقعة في تلك الحالة وفي افحامهم بعد جدا لهم واصطفاء الله إياه وأمرهم بسجوده تعظيما له وتكريما وبالجملة

إِنْ يُوحى اى ما يوحى إِلَيَّ من عند ربي إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>