للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اى لانما انا منذر لكم من ان يفتنكم الشيطان وجنوده المرتكزة في هياكلكم فيضلونكم عن سبل السلامة وطرق الاستقامة الموصلة الى وحدة ذات الحق وكمال أسمائه وصفاته اذكر يا أكمل الرسل وقت

إِذْ قالَ رَبُّكَ الذي رباك على مقتضى الجمعية المنتهية الى الوحدة الذاتية التي قد جئت أنت لإظهارها وإيضاح منهجها لِلْمَلائِكَةِ المهيمين بمطالعة وجهه الكريم على سبيل المشورة معهم ليظهر كرامة آدم وجلالة قدره إِنِّي بمقتضى بدائع صنعتي وغرائب حكمتى وقدرتي خالِقٌ اى مظهر موجد بَشَراً اى جسدا متخذا مِنْ طِينٍ ليكون مرآة لي يتراءى عموم أوصافي وأسمائي

فَإِذا سَوَّيْتُهُ وعدلت قالبه على الوجه الذي جرى في حضرة علمي ولوح قضائي وَنَفَخْتُ فِيهِ بعد تسويته وتعديله مِنْ رُوحِي اى أفضت من حياتي ومن مقتضيات أسمائي وصفاتي ليستحق بخلافتى ونيابتي ويظهر فيه ومنه أسمائي وصفاتي فَقَعُوا لَهُ وخروا عنده أنتم ايها الملائكة تعظيما له وتكريما ساجِدِينَ متذللين له واضعين جباهكم على تراب المذلة والهوان دونه ثم لما سمع الملائكة منه سبحانه ما سمعوا

فَسَجَدَ له الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ امتثالا للأمر الوجوبي

إِلَّا إِبْلِيسَ المعدود من عدادهم المنخرط في سلكهم قد اسْتَكْبَرَ عن سجوده وتعظيمه وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ بترك الانقياد للأمر الوجوبي الإلهي ثم لما امتنع إبليس عن اطاعة آدم وتعظيمه مع ورود الأمر الوجوبي من قبل الحق

قالَ سبحانه معاتبا عليه مناديا له سائلا عن سبب امتناعه يا إِبْلِيسُ المستكبر المتخلف عن أمرنا ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ اى أى شيء منعك عن السجود المأمور به لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ وصورته بقدرتي وبمقتضى حكمتى وبكمال حولي وقوتي ليكون مرآتى ويليق بخلافتى وخلتي أَسْتَكْبَرْتَ أنت عن اطاعة حكمنا وامتثال أمرنا أَمْ كُنْتَ أنت قد احتسبت نفسك مِنَ الْعالِينَ المعتوقين المتفوقين عليه بحيث لا تجوز لنفسك ان تذلل عنده وتنقاد له وبعد ما سمع اللعين منه سبحانه ما سمع من الخطاب الهائل المشتمل على انواع العتاب

قالَ اللعين بعد ما اختار الشق الثاني من الترديد أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ صورة ومادة إذ قد خَلَقْتَنِي أنت بكمال قدرتك مِنْ نارٍ هي أعلى العناصر وارفعها قدرا ومكانا وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ هو أسفل العناصر وارذلها قدرا وأدناها مكانا والأمر بسجود الأفضل الأعلى للارذل الأدنى غير موافق ومطابق لحكمتك المتقنة يا ربي ثم لما قد خرج إبليس عن ربقة الإطاعة التعبدية واتى بالحجة الاقناعية الجدلية

قالَ سبحانه مغاضبا عليه من كمال غيرته وقهره من اين يطيق احد من مظاهره ومصنوعاته ان يخالف امره ويحتج عليه اذله الحجة البالغة فَاخْرُجْ مِنْها من رتبة الملكية وأعلى مرتبة العبودية فَإِنَّكَ رَجِيمٌ مرجوم مطرود عن سعة رحمتنا وشرف عز حضرتنا

وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي اى طردي وتبعيدى عن ساحة عز قربتي مستمرة عليك إِلى يَوْمِ الدِّينِ وبعد ذلك عذابك مؤبد في النار وأنت مخلد فيها ابد الآبدين ثم لما قنط إبليس عن روح الله ومن سعة رحمته

قالَ بعد ما ايس مناجيا رَبِّ يا من رباني على فطرة الإطاعة والانقياد فعصيت أمرك بشؤم عجبي ونخوتى فَأَنْظِرْنِي وأمهل على بعد ما قد بعدتنى عن كنف قربك وجوارك وطردتني عن محل كرامتك وجودك إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ

قالَ سبحانه فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ

إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ وهو وقت النفخة الاولى وبعد ما انظره سبحانه وأنجح مسئوله

قالَ إبليس مقسما مبالغا في التهديد لبنى آدم فَبِعِزَّتِكَ وجلالك لَأُغْوِيَنَّهُمْ اى لأضلن بنى آدم عن جادة التوحيد وصراط العدالة

<<  <  ج: ص:  >  >>