للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ اللَّهَ المطلع لما في ضمائرهم من الشرك والعناد والإلحاد عن سبيل الرشد والسداد يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ وبينكم بمقتضى علمه وخبرته فِي ما هُمْ فِيهِ من الشرك يَخْتَلِفُونَ معكم ايها الموحدون بان يدخلهم في النار بأنواع المذلة والهوان ويوصلكم الى الجنة بالمغفرة والرضوان وكيف لا يدخل سبحانه المشركين النيران بأنواع الخزي والهوان إِنَّ اللَّهَ الحكيم المتقن في أفعاله لا يَهْدِي اى لا يوفق على الهداية والرشد مَنْ هُوَ كاذِبٌ سيما في حق الله وفي مقتضى ألوهيته وربوبيته واستقلاله في ملكه وملكوته كَفَّارٌ بنعمه الموهوبة له من فضله وكرمه حيث اثبت له سبحانه شريكا وولدا مع انه

لَوْ أَرادَ اللَّهُ الواحد الأحد الفرد الصمد المستقل في الألوهية والوجود المنزه عن الأهل والولد أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً ويختار صاحبة لَاصْطَفى واختار مِمَّا يَخْلُقُ اى من بين سائر مخلوقاته في جميع شئونه وحالاته ما يَشاءُ اولى وانسب له وأليق بشأنه من مريم وعيسى فكيف من الأصنام والأوثان سُبْحانَهُ تعالى شأنه وتنزه ذاته الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد عن اتخاذ الصاحبة والولد بل هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ من جميع الوجوه المستقل بالالوهية والوجود الْقَهَّارُ لعموم السوى والأغيار مطلقا قطعا لعرق الشركة عن أصله بمقتضى توحيده سبحانه وقهره مطلقا الغير والسوى ولإظهار كمالاته المندمجة في وحدة ذاته باعتبار شئونه وتطوراته اللازمة للحي الأزلي الأبدي قد

خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ اى قدر وأعد الأسماء الذاتية الفعالة المنعكسة من شئونه الذاتية والأوصاف القابلية المنفعلة من تلك الأسماء المظهرة لآثارها ملتبسا بِالْحَقِّ المطابق للواقع لا ينبغي ان يرتاب فيه احد من اهل التوحيد سيما بعد انكشافه بسرائر الوجود واسرار التوحيد بحسب الجود الإلهي وبمقتضى هذه الازدواجات المعنوية الجارية بين الأوصاف والأسماء الذاتية الإلهية ايضا يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ اى يغشى ويغيب سبحانه على سبيل التلفيف والتخليط اضواء الأسماء والصفات بظلام الهيولى والتعينات العدمية في النشأة الاولى فكذلك يغطى ويغيب في النشأة الاخرى حجب الطبائع واظلال الهويات الهيولانية الكثيفة الظلمانية الجسمانية باشعة أنوار الذات المنتشئة منها بمقتضى الشئون والتطورات المثبتة للأسماء والصفات الإلهية وَبعد ما قد كمل سبحانه امر الظهور والإظهار وانبسط على عروش عموم ما ظهر وما بطن بالاستيلاء والاستقلال سَخَّرَ الشَّمْسَ اى جذب وقبض نحوه سبحانه بمقتضى الجاذبة المعنوية الحبية الكاملة الوجود العامّ المطلق الفياض من لدنه سبحانه على هياكل عموم الموجودات المنعكسة من الأسماء والصفات الإلهية وَالْقَمَرَ اى الهويات القابلة لانعكاس شمس الذات المستخلفة عنها إظهارا لكمال قدرته ومتانة حكمته لذلك كُلٌّ من اهل العناية يَجْرِي يكون ويدوم في مكانه ومكانته من التعيّنات موقوفا لِأَجَلٍ مُسَمًّى اى حلول أجل معين مقدر من عند ربه بمقتضى جذبه وعنايته فإذا حل الأجل المسمى انقطع الجري والسير وارتفع السلوك أَلا اى تنبهوا ايها الاظلال الهالكة في شمس الذات هُوَ اى الموصوف بهذه الصفات الكاملة الله الْعَزِيزُ المنيع ساحة عز ذاته عن ان يحوم حول سرادقات عزه وجلاله ادراك العقول المتحيرة والأوهام المدهوشة المقهورة الْغَفَّارُ الستار لغيوم تعيناتكم باشراق شمس الذات وانقهار جميع ما لمع عليه نور الوجود على مقتضى جلاله وتفرده في نعوت كماله وكيف لا وقد

خَلَقَكُمْ اى أظهركم وأوجدكم سبحانه بالتجليات الجمالية مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وهي طبيعة العدم القابلة لانعكاس اشعة نور الوجود المنعكسة فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>