للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكرامات بِغَيْرِ حِسابٍ اى توفية وتوفيرا لا يمكن ضبطه بالعد والإحصاء تفضلا عليهم وتكريما. وفي الحديث صلوات الله على قائله انه ينصب الموازين يوم القيامة لأهل الصلاة والصدقة والحج فيوفون بها أجورهم ولا ينصب لأهل البلاء بل يصب عليهم الأجر حتى يتمنى اهل العافية في الدنيا ان اجسادهم تقرض بالمقاريض مما يذهب به اهل البلاء من الفضل والعطاء. ثم قال سبحانه آمرا لحبيبه بالتوصية والتبليغ لعموم عباده كلاما ناشئا عن محض الحكمة خاليا عن رعونات الرياء متمحضا للنصح والتكميل

قُلْ يا أكمل الرسل إِنِّي أُمِرْتُ من قبل ربي أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ حق عبادته وأطيعه حق أطاعته مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ والانقياد الصادر منى لا تسبب باطاعتى وانقيادي على وجه الإخلاص ان أعرفه حق معرفته ويفيض على قلبي زلال توحيده وكرامته

وَأُمِرْتُ ايضا من عنده لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ اى اسبق المسلمين المفوضين أمورهم كلها اليه منخلعين من لوازم بشريتهم ومقتضيات اهوية هويتهم ثم

قُلْ يا أكمل الرسل إِنِّي مع كمال وثوقى بكرم الله وسعة رحمته ووفور فضله وجوده على أَخافُ خوفا شديدا إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي وخرجت عن عروة أطاعته وربقة انقياده عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ فظيع فجيع لعظم ما فيه من الجزاء المترتب على الجرائم العظام وبعد ما بلغت يا أكمل الرسل ما بلغت

قُلِ على وجه الحصر والتخصيص اللَّهَ أَعْبُدُ لا غيره إذ لا غير معه مُخْلِصاً لَهُ دِينِي وانقيادي حسب وسعى وطاقتي

فَاعْبُدُوا ايها المنهمكون في بحر الغي والضلال ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ سبحانه بمقتضى اهويتكم الفاسدة وآرائكم الكاسدة واعلموا ان ما يترتب على عبادة غير الله ليس الا الخيبة والخسران قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بعبادة غير الله والانحراف عن جادة التوحيد وَمع ذلك قد خسروا أَهْلِيهِمْ ايضا بالإغواء والإضلال يَوْمَ الْقِيامَةِ المعدة لجزاء الأعمال يعنى حرموهم عن الفوائد الاخروية المترتبة على ايمانهم وأعمالهم الصالحة في يوم القيامة والنشأة الاخرى أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ والحرمان العظيم نعوذ بك منك يا ذا القوة المتين وكيف لا يكون خسران المشركين مبينا وحرمانهم عظيما

لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ وأطباق مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ كذلك بالنسبة الى من في الطبقة السفلى لان دركات النيران مثل دركات الإمكان متطابق بعضها فوق بعض فيكون سكانها ايضا كذلك ذلِكَ العذاب الذي سمعت وصفه يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ في دار الاختبار ويحذرهم عنه ثم ناداهم ليقبلوا اليه ويعتبروا من تخويفه فقال يا عِبادِ فَاتَّقُونِ واحذروا من بطشى وتعذيبى إياكم في يوم الجزاء

وَبالجملة المؤمنون الموحدون الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ المبالغ في الطغيان والعدوان ألا وهي الشيطان المضل المغوى والنفس الضالة الغوية واستنكفوا أَنْ يَعْبُدُوها ويقبلوا منها وسوستها ويصغوا الى اغوائها واغرائها وَمع ذلك قد أَنابُوا ورجعوا إِلَى اللَّهِ في النشأة الاولى على وجه الإخلاص والخضوع نادمين عن عموم ما صدر عنهم من الجرأة على الجريمة لَهُمُ الْبُشْرى في النشأة الاخرى بالدرجة العليا والمثوبة العظمى فَبَشِّرْ عِبادِ يا أكمل الرسل

الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ الحق الذي قد صدر منا ولا يمترون فيه بل فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ على الوجه الأحسن الادقّ ويمتثلون بما أمروا به ويجتنبون ايضا عما نهوا عنه أُولئِكَ السعداء الموفقون على استماع القول الحق والامتثال به هم الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ الى طريق توحيده ووفقهم الى الفناء فيه والبقاء ببقائه وَبالجملة أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ الواصلون الى

<<  <  ج: ص:  >  >>