للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالانكشاف التام في النشأة الاخرى المفنى لأظلال السوى والعكوس مطلقا وَإِذا ذُكِرَ آلهتهم الَّذِينَ يدعونهم مِنْ دُونِهِ سبحانه إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ اى فاجؤا واسرعوا عند ذكر آلهتهم الباطلة الى البسط والاستبشار

قُلِ يا أكمل الرسل عند يأسك عنهم وعن ايمانهم وتنبههم مسترجعا الى ربك مفوضا الأمور كلها اليه سبحانه سيما امور هؤلاء الضلال المعاندين اللَّهُمَّ يا فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ومظهرهما من كتم العدم بالإرادة والاختيار يا عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ على التفصيل بحيث لا يعزب عن حيطة علمك مثقال ذرة من ذرات ما لمع عليه برق وجودك بمقتضى كرمك وجودك أَنْتَ بذاتك حسب شئونك وتطوراتك تَحْكُمُ وتقضى بَيْنَ عموم عِبادِكَ سيما هؤلاء الضالين وبيني فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ معى في امر الدين القويم المنزل على من عندك والكتاب الكريم المبين طريق توحيدك. ثم قال سبحانه تسجيلا على عدم قابليتهم واستعدادهم لقبول الحق وفيضان اسرار التوحيد

وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بعد ما جبلوا على فطرة التوحيد من عند الله الحكيم واستبدلوا بالشقاوة لو حق وثبت لهم ملك ما فِي الْأَرْضِ من الامتعة والزخارف الامكانية جَمِيعاً بل وَمِثْلَهُ مَعَهُ بل أضعافه وآلافه معه لَافْتَدَوْا بِهِ في سبيل الله راجين النجاة مِنْ سُوءِ الْعَذابِ المعد لهم يَوْمَ الْقِيامَةِ جزاء لاعمالهم لما حصل لهم هذا ولا نجاة لهم منه أصلا إذ لا يبدل القول منا ولا يغير الحكم لدينا بل وَبَدا لَهُمْ وظهر عليهم مِنَ اللَّهِ الحكيم ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ من قبله إذ هم عند الإتيان بفواسد الأعمال والعبادات على معبوداتهم زاعمون ترتب جزاء الخير عليها وقد العكس الأمر عليهم

وَحين ظهر عليهم عكس المطلوب بَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا اى تحقق عندهم كون أعمالهم التي قد أتوا بها سيئات كلها وَحينئذ حاقَ وأحاط بِهِمْ حجالة ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ من الأمور الدينية والمعتقدات الاخروية الجارية على ألسنة الرسل والكتب في النشأة الاولى ولم ينفعهم الندم والخجالة حينئذ لانقضاء زمان إمكان التدارك والتلافي. ثم أشار سبحانه الى تزلزل الإنسان وعدم ثباته على العزيمة الخالصة نحو ربه فقال

فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ ولحقه على وجه المساس ليكون منها له موقظا إياه عن سنة الغفلة ونوم النسيان ومذكرا له للتوجه والتحنن إلينا دَعانا لكشفه واستكشف عنا على وجه الإلحاح والاقتراح ثُمَّ بعد كشفنا عنه ضره إِذا خَوَّلْناهُ ووسعنا عليه نِعْمَةً تفضلا مِنَّا إياه وتكريما لنختبر كيف يشكر على حصول النعمة ودفع النقمة قالَ حينئذ على سبيل الكفران والطغيان إِنَّما أُوتِيتُهُ من النعم عَلى عِلْمٍ منى بوجوه كسبه وطرق جمعه وارباحه واخذه والمعنى ما أوتيت وأعطيت بما أوتيت الا بسبب سعيي وعلمي بوجوه جمعه وتحصيله لا من حيث لا احتسب وبالجملة هكذا يقول من الكلمات الدالة على الكفران والطغيان مع ان نعمته ما هي نعمة في أنفسها بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ ابتلاء واختبار منا إياه لننظر أيشكر أم يكفر وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ولا يفهمون فتنتنا واختبارنا لذلك ينهمكون في بحر الكفران والطغيان وليس هذا القول مخصوصا لهؤلاء الكفرة التائهين في تيه الغفلة والكفران بل

قَدْ قالَهَا اى الكلمة المخصوصة التي هي جملة انما أوتيته على علم عموم الكافرين المسرفين الَّذِينَ مضوا مِنْ قَبْلِهِمْ مثل قارون وغيره وبالجملة فَما أَغْنى ودفع عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ

من الزخارف الدنياوية شيأ من عذاب الله حين أحاط بهم ونزل عليهم العذاب فكذا ما اغنى عن هؤلاء ايضا أمتعتهم شيأ من عذاب الله حين

<<  <  ج: ص:  >  >>