للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المعتقدات الاخروية وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ اى المقر المعهود الذي قد بشرنا به الرسل الكرام ألا وهي ارض الجنة لأهل العناية من سوابق الايمان والمعرفة والأعمال الصالحة الصادرة منهم في دار الاختبار ومكننا فيه بحيث نَتَبَوَّأُ وننزل مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ يعنى ينزل ويستريح كل منا حيث شاء وأراد من المقامات البهية والدرجات العلية بلا مضايقة وممانعة فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ المخلصين المخلصين نفوسهم عن اغوار الجهالات واودية الضلالات بنور الآيات البينات الواصلين الى روضة الرضا وجنة التسليم. رب اجعلنا بلطفك من ورثة روضة النعيم

وَبعد ما قد تقرر اهل النار في النار واهل الجنة في الجنة تَرَى ايها المعتبر المنكشف بكمال عظمة الله وجلاله الْمَلائِكَةَ اى الأسماء والصفات الإلهية عبر عنها سبحانه بالملائكة المهيمين المستغرقين بمطالعة وجهه الكريم حَافِّينَ صافين محدقين محلقين مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ اى حول عرشه العظيم المستغنى عن عروش مطلق المظاهر والمجالى الكائنة في عالمي الغيب والشهادة إذ هو سبحانه بذاته غنى عن مطلق التعينات الطارية على شئونه وتطوراته لذلك يُسَبِّحُونَ وينزهون أولئك المهيمون ذاته سبحانه عن سمات الحدوث والإمكان مطلقا دائما ويواظبون بِحَمْدِ رَبِّهِمْ على ما وهب لهم المعرفة بعلو شأنه وسمو برهانه وباستغنائه في ذاته عن مطلق مظاهر أسمائه وأوصافه جميعا وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ اى هم يحمدونه ويثنون عليه سبحانه ايضا على عموم قضائه وحكمه وأحكامه الجارية بين عباده كلها بالحق بمقتضى العدل القويم وَبالجملة قِيلَ من قبل كل من يتأتى منه الرجوع اليه سبحانه والتوجه نحوه طوعا على الوجه الذي امر به ونبه عليه الْحَمْدُ المطلق المستوعب لعموم الاثنية والمحامد الصادرة عن ألسنة عموم المظاهر ثابت لِلَّهِ اى للذات المستجمع بجميع أوصاف الكمال بالاستحقاق والاستقلال رَبِّ الْعالَمِينَ بمقتضى توحده وانفراده فيكون جميع محامدهم مختصة به سبحانه إذ لا مربى لهم سواه ولا موجد لهم غيره. حققنا بكرمك بحق قدرك وبقدر حقيتك يا ذا القوة المتين

[خاتمة سورة الزمر]

عليك ايها المحمدي القاصد المتحقق المدرك بكمال عظمة الله وجلاله ان تتأمل في هذه السورة سيما في أواخرها وتتعمق فيها وفي كشف سرائرها ومرموزاتها وإشاراتها الخفية وعباراتها المنبهة على وحدة الحق وحقيته لينكشف لك انه لا يشغله شأن عن شأن ولا يقدر تحققه وقيوميته زمان ومكان بل هو كائن على ما قد كان في كل آن وشأن بلا مكيال زمان وآن واحياز ومكان وحين وأوان

[سورة المؤمن]

[فاتحة سورة المؤمن]

لا يخفى على من ترقى من حضيض التقليد الى ذروة التوحيد ومن اودية الجهالات اللازمة للتعينات الامكانية الى أقصى درجات الإدراك وأعلاها ان أجل المعلومات وأولاها وأدق المعارف وأخفاها هو الاطلاع على وحدة الحق وتوحده في الذات والوجود وتكثره حسب الأسماء والصفات المقتضية للشؤن والتطورات الغير المحصورة كذلك اوحى سبحانه حبيبه بما اوحى من دلائل التوحيد وأوصاه بحفظ ما نزل عليه من الآيات المبينة لتلك الدلائل ليكون على ذكر منها فقال سبحانه مخاطبا له بعد ما تيمن بِسْمِ اللَّهِ المعرب المفصح عن الذات الاحدية باعتبار التسمية ونشأة العبارة الرَّحْمنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>