للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدال على ثبوت عموم الأسماء والصفات لتلك الذات المؤثرة بها آثارا بديعة لا تعد ولا تحصى الرَّحِيمِ الدال على رجوع الكل إليها رجوع الاظلال الى الأضواء

[الآيات]

حم يا حامل الوحى ويا حاميه ويا ماحي الغير والسوى عن لوح الضمير ومانعه مطلقا

تَنْزِيلُ الْكِتابِ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إليك يا أكمل الرسل تأييدا لك في أمرك وشأنك مِنَ اللَّهِ اى من الذات المعبر بهذا الاسم الجامع المحيط بعموم الأسماء والصفات الْعَزِيزِ المنيع الغالب ساحة عز حضوره عن ان يحوم حول وحيه شائبة الريب والتخمين الْعَلِيمِ الذي لا يعزب عن حيطة علمه شيء مما جرى عليه سابق قضائه

غافِرِ الذَّنْبِ اى ساتر ذنوب الأنانيات الظاهرة من الهويات الحاصلة من انصباغ التعينات العدمية بصبغ الأسماء والصفات المنبسطة وَقابِلِ التَّوْبِ اى التوبة والرجوع على وجه الإخلاص والندم على اثبات الوجود لغيره سبحانه شَدِيدِ الْعِقابِ على من خرج عن ربقة عبوديته باسناد الحوادث الكائنة الى نفسه والى مثله في الحدوث والمخلوقية ذِي الطَّوْلِ والغنى الذاتي عن توحيد الموحد والحاد المشرك الملحد لأنه في ذاته لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ولا موجود سواه يعبد له ويرجع اليه في الخطوب إذ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ اى مرجع الكل اليه ورجوعه نحوه سواء وحده الموحدون وألحد في شأنه الملحدون المشركون أم لا. ثم قال سبحانه توضيحا وتصريحا لما علم ضمنا

ما يُجادِلُ ويكابر فِي آياتِ اللَّهِ وفي شأن دلائل وحدته واستقلاله في الآثار المترتبة على شئونه وتجلياته إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وستروا ظهور شمس الذات وتحققها في صفحات الكائنات بغيوم هوياتهم الباطلة وتعيناتهم العاطلة فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ اى لا يغررك يا أكمل الرسل امهالنا إياهم يتقلبون في بلاد الإمكان وبقاع الهيولى والأركان عن امهالنا إياهم وعدم انتقامنا عنهم بالطرد الى هاوية العدم وزاوية الخمول وان كذبوك يا أكمل الرسل في دعوتك وشأنك وعاندوا معك في برهانك فاصبر على أذاهم وتذكر كيف

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ أخاك نوحا وكيف صبر هو على اذياتهم مدة مديدة حتى ظفر عليهم حين ظهر أمرنا وجرى حكمنا بأخذهم واستئصالهم بالمرة وَانظر ايضا كيف كذبت الْأَحْزابُ والأمم الكثيرة مِنْ بَعْدِهِمْ اى بعد قوم نوح رسلهم المبعوثين إليهم للهداية والإرشاد وَبالجملة قد هَمَّتْ وقصدت كُلُّ أُمَّةٍ من الأمم الماضية بِرَسُولِهِمْ المرسل إليهم لِيَأْخُذُوهُ ويأسروه بل ليقتلوه او يستحقروه ويهينوه وَجادَلُوا أولئك الهالكون المنهمكون في تيه الكبر والعناد مع الأنبياء والرسل بِالْباطِلِ الزاهق الزائل في نفسه لِيُدْحِضُوا ويزيلوا بِهِ الْحَقَّ الحقيق بالاطاعة والاتباع فَأَخَذْتُهُمْ واستأصلتهم بعد ما أمهلتهم زمانا يعمهون في طغيانهم ويترددون في بنيانهم فَكَيْفَ كانَ عِقابِ إياهم حين حل عليهم ما حل من العذاب

وَبالجملة كَذلِكَ ومثل ذلك قد حَقَّتْ ثبتت ونزلت كَلِمَةُ رَبِّكَ يا أكمل الرسل في حضرة علمه ولوح قضائه عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا اى على عموم الكفرة الجهلة المعاندين بك وبدينك وكتابك ايضا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ اى ملازموها وملاصقوها ابد الآباد ولا نجاة لهم منها فلا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون. ثم أشار سبحانه الى حث المؤمنين الموحدين على مواظبة الايمان ومداومة الشكر على الانعام فقال

الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ ألا وهم الكروبيّون الذين سبقوا بحمل العرش الإلهي وحفظ ما انعكس فيهم من تجلياته الجمالية والجلالية بدوام المراقبة والمطالعة

<<  <  ج: ص:  >  >>